ومن السياق نفهم أن من لم تجتمع له مجموعة هذه الخصال لا يستطيع أن يتخلص من أسر شهوات الحياة الدنيا فيضبطها على أمر الله.
ونحب قبل أن نبدأ عرض المعاني العامة للمقطع أن نعقد فصلا نتحدث فيه عن بعض أقوال المفسرين في الحروف التي بدئت بها بعض السور استكمالا لما كنا قد ذكرناه من قبل.
[فصل في الحروف التي بدئت بها بعض السور القرآنية]
قلنا من قبل: إن مجموع ما ذكره المفسرون في شأن الحروف، لا يعدو أن يكون من باب تسجيل الملاحظات حولها دون أن يكون تفسيرا لها، ولم يزل المفسرون ولا يزالوا يسجلون ملاحظات. ومن أهم الملاحظات التي سجلت حول هذه البدايات ثلاث ملاحظات:
الأولى: أن فيها إشارة إلى الإعجاز.
والثانية: وهي امتداد لقضية الإعجاز أنها تشير إلى نسبة ورود الأحرف المبدوءة بها السورة بالنسبة لسور أخرى لم ترد في أوائلها هذه الأحرف.
والثالثة: أن هذه الأحرف جزء من فواتح السور التي ندرك من خلالها، ومن خلال معان أخرى مفاتيح الوحدة القرآنية، مما سنراه في هذا التفسير. ونزيد هاهنا فنقول:
إن بعضهم اعتبر كل حرف من هذه الأحرف، فيه إشارة إلى كلمات.
فالألف مثلا تشير إلى آلاء الله، واللام تشير إلى لفظ الجلالة «الله» وهكذا.
وذهب بعضهم إلى أنها أسماء للسور التى وردت فيها، وذهب بعضهم إلى أنها تشير إلى مدد أقوام وآجال بحساب الجمل، وأول من حاول أن يبني على هذا الفهم، اليهود في زمن النبوة، إذ ظنوا أن في ذلك إشارة إلى مدة أجل الإسلام، كما سنرى الرواية في