الدائم الثابت المتكرر للبشرية، وشوطا من أشواط المعركة الخالدة بين الخير والشر، والهدى والضلال، والحق والباطل.
هذه التجربة تكشف عن صورة من صور البشرية العنيدة، الضالة، الذاهبة وراء القيادات المضللة، المستكبرة عن الحق، المعرضة عن دلائل الهدى وموجبات الإيمان، المعروضة أمامها في الأنفس والآفاق، المرقومة في كتاب الكون المفتوح، وكتاب النفس المكنون.
وهي في الوقت ذاته تكشف عن صورة من صور الرحمة الإلهية تتجلى في رعاية الله لهذا الكائن الإنساني، وعنايته بأن يهتدي. تتجلى هذه العناية في إرسال الرسل تترى إلى هذه البشرية العنيدة الضالة الذاهبة وراء القيادات المضللة المستكبرة عن الحق والهدى.
ثم هي بعد هذا وذلك تعرض صورة من صور الجهد المضني، والعناء المرهق، والصبر الجميل، والإصرار الكريم من جانب الرسل- صلوات الله عليهم- لهداية هذه البشرية الضالة العنيدة العصية الجامحة. وهم لا مصلحة لهم في القضية ولا أجر يتقاضونه من المهتدين على الهداية، ولا مكافأة ولا جعل يحصلونه على حصول الإيمان! كالمكافأة أو النفقة التي تتقاضاها المدارس والجامعات والمعاهد والمعلمون، في زماننا هذا وفي كل زمان في صورة نفقات للتعليم!).
(ومن خلال عرض هذه الحلقة من حلقات الدعوة الإلهية على البشرية تتجلى حقيقة وحدة العقيدة وثبات أصولها، وتأصل جذورها. كما يتجلى ارتباطها بالكون وبإرادة الله وقدره، وأحداث الحياة الواقعة وفق قدر الله).
[كلمة في سورة نوح ومحورها]
١ - أجملت سورة الحاقة الحديث عن تعذيب المكذبين باليوم الآخر في الدنيا، وذكرت عذاب الكافرين في الآخرة، وجاءت سورة المعارج لتحدثنا عن عذاب المكذبين باليوم الآخر في الآخرة، ثم تأتي سورة نوح لتعرض علينا قصة قوم نوح الذين ذكروا في سورة الحاقة، لترينا كيف عذب هؤلاء في الدنيا، وكيف أن الله عزّ وجل لم يهلكهم إلا بعد أن استنفد رسولهم صلى الله عليه وسلم كافة الوسائل وأقام عليهم الحجة.
٢ - تأتي سورة نوح بعد سورة المعارج التي حدثتنا عن موقف كافري هذه الأمة من رسولها لتعرض سورة نوح موقف أمة من رسولها، وما عاقبها الله في الدنيا، وفي