الله عزّ وجل في هذه السورة بين لنا ما نستطيع به من خلال المواقف والأفعال أن نتعرف به على هؤلاء المنافقين.
٤ - من هذه السورة ندرك مضمون الحديث الشريف «من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق» إن المسلم مكلف بمهمات كبرى، طريقها القتال، ولذلك فإن كل مسلم يجب أن يكون إما في قتال أو في نية قتال، وهذه السورة تكشف لنا مظاهر النفاق من خلال الموقف من أوامر القتال. فلننتبه كثيرا ونحن نقرأ تفسير هذا القسم.
فإلى التفسير الحرفي للمقطع الأول من القسم الثاني.
[التفسير الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا أي اخرجوا للقتال فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أي تثاقلتم أي تباطأتم وملتم إلى الدنيا وشهواتها وكرهتم مشاق السفر ومتاعبه، أو ملتم إلى الإقامة بأرضكم ودياركم أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ أي بدلها فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ أي في جنب الآخرة إِلَّا قَلِيلٌ روى الإمام أحمد عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم فلينظر بم يرجع». وأشار بالسبابة ورواه مسلم.
إِلَّا تَنْفِرُوا أي إلا تنفروا إلى الحرب يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً إما عذابا كونيا أو عذابا بأيدي أعدائكم يذلونكم ويضطهدونكم وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ أي لنصرة دينه وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً أي ولا تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد ونكولكم وتثاقلكم عنه وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ومن ذلك التبديل والتعذيب والانتصار من الأعداء بدونكم، وفي الآية تهديد عظيم للمتثاقلين عن الجهاد حيث أوعدهم كما قال النسفي:(بعذاب أليم مطلق يتناول عذاب الدارين) يهلكهم ويستبدل بهم قوما آخرين خيرا منهم وأطوع، وأنه غني عنهم في نصرة دينه فلا يضر دين الله تثاقل من تثاقل، وإنما يضر المتثاقل نفسه، ولو نظرنا إلى حال العرب خلال العصور- كمثال- فإننا نجد كيف أنه عند ما تموت روح الجهاد فيهم ويتركون القيام به فإن الله يستذلهم ويهيئ لرفع لواء الإسلام أمما أخرى كالأتراك وغيرهم
إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ أي إلا تنصروا رسوله فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تولى