للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٤٦ الى ١٤٨]

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)

[كلمة في السياق]

في هذا المقطع فقرتان كل منهما مبدوءة بنهي:

لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا. وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا .....

وفي سياق الفقرة الأولى، صدرت مجموعة أوامر تعمق مفهوم التقوى وتحدد صفات أهلها، وختمت بآية تذكرنا بالآية الأولى في سورة البقرة:

هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وفي الفقرة الثانية نهي عن الوهن والضعف في أي حالة من الأحوال، وتبيان سنة الله في خلقه وعباده، وتبيان بعض ما يتحقق به المؤمنون، وتأتي هذه التعليمات من خلال عرض ما حدث في وقعة أحد، وتختم هذه الفقرة بتبيان الموقف الصحيح للأنبياء وأتباعهم في صراعهم مع الكفر والكافرين.

والفقرة الثانية مرتبطة بالفقرة الأولى، من حيث إن المعاني التي بها لا تتحقق، إلا من خلال التحقق بالمعاني التي رفع الله إليها همم المؤمنين في الفقرة الأولى، وسنرى الارتباط ما بين الآية والآية أثناء التفسير الحرفي للآيات.

[تفسير الفقرة الأولى]

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً. فهم كثير من الجهال:

أن الربا المنهي عنه هو المضعف، وهذا منتهى الجهل، لأن الله في سورة البقرة قال:

فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ وإنما هذا نهي عن الربا مع التوبيخ بما كانوا عليه من تضعيفه، وفي النهي عن الربا المضاعف- مع كون المراد كل الربا- إشارة إلى أن الربا من طبيعته التضعيف المؤدي إلى امتصاص دماء الناس، وإن كانت الآية نازلة بما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>