للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم بنقض العهد، أي حتى تكونوا أنتم وإياهم حاصلين على استواء في العلم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ أي الناقضين للعهود، وهذا الموقف كذلك يحتاج من المسلمين لأن يكونوا على أنواع الاستعداد للقتال، وأن يكون رصدهم لعدوهم قويا،

ثم ذكر الله المسلمين بشيئين: عجز الكافرين أمام قدرته، ووجوب الإعداد فقال وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا أي فاتوا وأفلتوا من أن يظفر بهم، أو وصلوا إلى حال لا يغلبون معها إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ أي إنهم لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم، كيف والطالب الله ثم جنده، وهذه بشارة للمؤمنين وشحذ لهممهم فلا يبالون بالقوة الكافرة مهما بلغت، ثقة بنصر الله وتدبيره

وَأَعِدُّوا لَهُمْ أي للكافرين جميعا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أي مهما أمكنكم قال ابن كثير: أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة، والقوة مدلولها واسع، وخص الرسول عليه الصلاة والسلام بالذكر منها الرمي فقال: «ألا إن القوة الرمي» ويدخل في ذلك إعداد كل ما يرمى به من المدافع إلى القنبلة الذرية إلى غير ذلك وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ أي ومن جنس ما يركب للقتال كالخيل، فدخل في ذلك البارجة والطائرة والدبابة وغير ذلك تُرْهِبُونَ بِهِ أي بهذا الإعداد عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ أي الكافرين، وهذا عين ما يسمى حاليا الآن بمبدإ القوة من أجل السلام، ولكنه هنا سلام أهل الإسلام وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ أي من غيرهم من المنافقين أو المعاهدين الذين يفكرون بنقض العهد أو غير ذلك لا تَعْلَمُونَهُمُ أي لا تعرفونهم بأعيانهم اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ أي يوفى لكم جزاؤه وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ أي في الجزاء بل تعطون على التمام. بدأ الآية في الأمر بالإعداد، وختمها بالأمر بالإنفاق؛ لأن الإعداد يحتاج إلى إنفاق

وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ أي وإن مالوا للصلح فَاجْنَحْ لَها أي فمل إليها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي ولا تخف من إبطانهم المكر في جنوحهم إلى السلم، فإن الله كافيك وعاصمك من مكرهم إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ للأقوال وغيرها الْعَلِيمُ بالأحوال كلها. بدأ بالموقف ممن ينقض الميثاق، ثم بالموقف ممن يخشى منه نقض الميثاق، وجعل المسلمين في الوضع المناسب لكل الاحتمالات. ثم أذن لهم بالمصالحة وعقد المعاهدات، متوكلين على الله بعد أخذ الأسباب كلها،

ثم قال مطمئنا وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ أي أن يمكروا ويغدروا فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ أي كافيك الله هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ أي قواك بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ

وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بعد التعادي الطويل بحيث لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>