إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام، لولا أن صبروا وتجلوا واستمروا عليها. وفي ذلك دليل على فرط مجاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوتهم وإقامة الحجة عليهم، حتى شارفوا- بزعمهم- أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم، واستمساكهم بعبادة آلهتهم، ولما كان هذا الموقف موقفا جاهلا كان الرد عليهم تهديدا ووعيدا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ هذا وعيد يدل على أنهم لا يفوتون الله، وإن طالت مدة الإمهال مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا لما نسبوا الإضلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا كان الجواب كذلك، أي إنهم هم الضالون، وسوف يرون ذلك عند ما يرون العذاب.
[كلمة في السياق]
لاحظنا أن المقطع الأول عرض موقفا للكافرين من القرآن، ثم ثنى بموقف من الرسول، ونلاحظ كذلك في هذا المقطع أنه ابتدأ بعرض موقف للكافرين من القرآن، ثم ثنى بموقف من الرسول في هاتين الآيتين، وكل ذلك يسير ضمن نسق واحد في السورة، بدأت مقدمة السورة بذكر إنزال القرآن على الرسول للإنذار، بعد أن كفر الناس، وسار السياق مبينا كيف كان الموقف من القرآن ومن الرسول، وكل ذلك بما يخدم توضيح قوله تعالى من سورة البقرة كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ والآيتان اللتان مرتا معنا أدتا محلهما في السياق للعبور إلى معنى رئيسي من معاني السورة، أشارت إليه السورة فيما مضى إشارات، وهو موضوع الشرك والتوحيد فلنر المسألة بالتفصيل: