إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا أي يمنعهما من أن تزولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أي ولئن زالتا على سبيل الفرض ما أمسكهما من أحد من بعد إمساكه. أي لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلا هو إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً أي يرى عباده وهم يكفرون به، ويعصونه وهو يحلم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يعجّل، ويستر آخرين ويغفر. قال النسفي:(أي) غير معاجل بالعقوبة حيث يمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدّا هدا لعظم كلمة الشرك
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ أي إقساما بليغا. أي جاهدين في أيمانهم لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ قال ابن كثير: أي من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل. قال النسفي:(أي من الأمّة التي يقال فيها إحدى الأمم تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة، كما يقال للداهية العظيمة هي إحدى الدواهي).
والمقسمون قريش والعرب فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ أي فلما بعث محمد صلّى الله عليه وسلم ما زادَهُمْ مجيئه إِلَّا نُفُوراً أي إلا تباعدا عن الحق
اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ أي استكبروا استكبارا عن اتّباع آيات الله وَمَكْرَ السَّيِّئِ أي ومكروا بالناس في صدهم إياهم عن سبيل الله المكر السيئ فدوافع نفورهم: استكبارهم، ومكرهم المكر السيّئ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ أي وما يحيط وينزل المكر السيّئ إلا بأصحابه فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ وهي إنزال العذاب على الذين كذّبوا برسلهم من الأمم قبلهم. والمعنى: فهل ينظرون بعد تكذيبك إلا أن ينزل بهم العذاب مثل الذي نزل بمن قبلهم من مكذبي الرسل فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا بيّن أن سنته التي هي الانتقام من مكذبي الرسل سنة لا يبدّلها في ذاتها ولا يحوّلها عن أوقاتها، وأنّ ذلك مفعول لا محالة
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ استشهد عليهم بما كانوا يشاهدونه في مسايرهم إلى الشام واليمن والعراق من آثار الماضين، وعلامات هلاكهم ودمارهم وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ أي من أهل مكة أو من كافري هذه الأمة عموما قُوَّةً أي اقتدارا وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ أي ليسبقه ويفوته مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ
وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً
أي عليما بهم قادرا عليهم
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا أي بما اقترفوا من المعاصي ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها أي على ظهر الأرض مِنْ دَابَّةٍ أي من نسمة تدبّ عليها وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي إلى