للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: مراده بكلمة (ثابتة) أي وجودها ثابت وليس مراده عدم الحركة.

٨ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً .. وتعليق المؤلف على ذلك]

بمناسبة قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها قال ابن كثير: يقول تعالى: فسدّد وجهك، واستمر على الدين الذي شرعه الله لك، من الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام الذي هداك الله لها، وكمّلها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة، التي فطر الله الخلق عليها، فإنّه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره كما تقدم عند قوله تعالى:

وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى (الأعراف: ١٧٢) وفي الحديث:

«إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم». وسنذكر في الأحاديث أن الله تعالى فطر خلقه على الإسلام، ثم طرأ على بعضهم الأديان الفاسدة، كاليهودية، والنصرانية، والمجوسية. وقوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قال بعضهم معناه: لا تبدّلوا خلق الله؛ فتغيّروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها، فيكون خبرا بمعنى الطلب كقوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [آل عمران: ٩٧] وهو معنى حسن صحيح، وقال آخرون هو خبر على بابه ومعناه: أنه تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على

الجبلّة المستقيمة، لا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك. ولهذا قال ابن عباس، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، في قوله: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ أي لدين الله، وقال البخاري قوله: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ لدين الله، خلق الأوّلين: دين الأولين، الدّين والفطرة: الإسلام. وبسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء». ثم يقول:

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ورواه مسلم.

روى الإمام أحمد ... عن الأسود بن سريع قال: أتيت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وغزوت معه فأصبت ظفرا، فقاتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذريّة». فقال رجل: يا رسول الله أما هم أبناء المشركين؟ فقال: «لا إنما خياركم أبناء المشركين» ثم قال:

«لا تقتلوا ذرية لا تقتلوا ذرية». وقال: «كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها فأبواها يهودانها أو ينصرانها». ورواه النسائي. روى الإمام أحمد ...

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة

<<  <  ج: ص:  >  >>