أين فلان بن فلان؟ فيأتي يتبعه من الحسنات أمثال الجبال، فيشخص الناس إليها أبصارهم، حتى يقوم بين يدي الرحمن عزّ وجل، ثم يأمر المنادي فينادي: من كانت له تباعة أو ظلامة عند فلان بن فلان فهلمّ، فيقبلون حتى يجتمعوا قياما بين يدي الرحمن، فيقول الرحمن: اقضوا عن عبدي، فيقولون: كيف نقضي عنه؟ فيقول: خذوا لهم من حسناته، فلا يزالون يأخذون منها حتى لا يبقى منها حسنة وقد بقي من أصحاب الظلامات. فيقول: اقضوا عن عبدي فيقولون: لم يبق له حسنة، فيقول: خذوا من سيئاتهم فاحملوها عليه ثمّ فزّع النبي صلّى الله عليه وسلم بهذه الآية الكريمة وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ». وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه:«إن الرجل ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، وقد ظلم هذا، وأخذ مال هذا، وأخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا لم تبق له حسنة، أخذ من سيئاتهم فطرح عليه» وروى ابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا معاذ إن المؤمن يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه، حتى عن كحل عينيه، وعن فتات الطينة بأصبعيه، فلا ألفينك تأتي يوم القيامة وأحد أسعد بما أتاك الله منك»).
وقال الألوسي عند قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ:
(والآية على ما أخرج جماعة عن مجاهد نزلت في كفار قريش، قالوا لمن آمن منهم: لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا، فإن كان عليكم شئ فعلينا. وأخرج ابن أبي شيبة. وابن المنذر عن ابن الحنفية قال: كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم يسلمون يقولون: إنه يحرّم الخمر، ويحرّم الزنا، ويحرّم ما كانت تصنع العرب، فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم. فنزلت هذه الآية، وقيل: قائل ذلك أبو سفيان بن حرب. وأمية بن خلف قالا لعمر رضي الله تعالى عنه: إن كان في الإقامة على دين الآباء إثم فنحن نحمله عنك.
وقيل: قائله الوليد بن المغيرة، ونسبة ما صدر عن الواحد للجمع شائعة، وقد تقدم الكلام غير مرة في وجه ذلك).