وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ. أي: الطرق المختلفة في الدّين، من اليهوديّة، والنّصرانيّة، والمجوسيّة، وسائر البدع، والضلالات فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. أي: فتفرّقكم عن صراط الله المستقيم: وهو دين الإسلام، فهذا هو المحرّم العاشر، اتّباع غير سبيل الله ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أي: لتكونوا على رجاء إصابة التقوى ذكر أولا (تعقلون) ثم (تذكّرون) ثم (تتقون) لأنّهم إذا عقلوا تفكّروا ثمّ تذكّروا فاتّعظوا فاتقوا المحارم.
هذه هي المحرّمات في شريعتنا وفي كل شريعة لله بما في ذلك شريعة التوراة ثمّ جاء بعد ذلك في المجموعة ما يهيج على الالتزام ويبعث عليه: فلنر تتمّة المجموعة:
ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ قال ابن جرير تقديره: ثم قل يا محمد مخبرا عنّا: أنا آتينا موسى الكتاب. وردّ هذا ابن كثير واعتبر أنّ (ثمّ) هنا جاءت لتفيد مطلق العطف فإنّه لما ذكر القرآن وأثنى عليه، ناسب أن يعطف بالثناء على التوراة مذكّرا بأن القرآن والتوراة كل من عند الله، وفيهما من التوافق بالأصول الكمال. تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ. أي: تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ في كلّ ما أمر به وقام بطاعة ربه قياما كاملا وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ. وبيانا مفصّلا لكل ما يحتاجون إليه في دينهم وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ. أي: بني إسرائيل بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ. أي: يصدّقون بالبعث والحساب، وبالرؤية، دلّ هذا على أن كتب الله تعمّق الإيمان بالآخرة
وَهذا كِتابٌ. أي: القرآن أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ. أي:
كثير الخير والمنافع فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا الله في مخالفته لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. أي:
لترحموا باتّباعه وبتقوى الله
أَنْ تَقُولُوا. أي: كراهة أن تقولوا أو لئلا تقولوا أيّها العرب إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا. أي: أهل التوراة والإنجيل وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ. أي: عن تلاوة كتبهم لَغافِلِينَ. أي: لا علم لنا بشيء من ذلك، والمراد إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ كيلا يقولوا يوم القيامة إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا، وكنا غافلين عمّا فيهما
أَوْ تَقُولُوا أو كراهة أن تقولوا، أو لئلا تقولوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ. أي: لحدة أذهاننا، وثقابة أفهامنا، وغزارة حفظنا فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ. أي: إن صدقتم فيما كنتم تعدون من