الملك في قراءته، فأمره الله عزّ وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل الله له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه، فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية، تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه)
فَإِذا قَرَأْناهُ أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله عزّ وجل فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ قال النسفي: أي: قراءته عليك، وقال ابن كثير: أي: فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ قال النسفي: إذا أشكل عليك شئ من معانيه، وقال ابن عباس وعطية العوفي وقتادة: أي: تبين حلاله وحرامه.
[كلمة في السياق]
١ - بينت هذه المجموعة أن محمدا صلى الله عليه وسلم يتلقى هذا القرآن تلقيا، وأنه كان حريصا على حفظه عند التلقي، حتى إنه ليكرر ما يلقى إليه خشية نسيانه إلى أن نهاه الله عزّ وجل عن ذلك، وضمن له أن يجمع له هذا القرآن وأن يجعله يقرؤه دون نسيان، وأن يبين له معانيه، وكل ذلك يدل على أن هذا القرآن من عند الله، فإذا ثبت ذلك وكان القرآن يتحدث عن اليوم الآخر والتكليف، فالحجة قائمة على وجوب القيام بالتكليف، وعلى ضرورة الإيمان باليوم الآخر، ومن ثم يعود الحديث بعد هذه المجموعة إلى الكلام عن اليوم الآخر.
٢ - ثم تأتي المجموعة الثالثة وهي تتحدث عن الطبيعة البشرية التي تحب الدنيا وتترك الآخرة بالرغم من فضل الآخرة على الدنيا، وتأتي هذه المجموعة بعد ذكر القرآن، مما يشير إلى أن هذا سبب آخر من أسباب هجر القرآن والتكليف.
[تفسير المجموعة الثالثة من الفقرة الأولى]
كَلَّا ردع عن إنكار البعث بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ أي: الدنيا وشهواتها
وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ أي: الدار الآخرة ونعيمها فلا تعملون لها، قال ابن كثير:
(أي: إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة، ومخالفة ما أنزله الله عزّ وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الحق والقرآن العظيم أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة)،
وبعد أن ذكر الله عزّ وجل حب الإنسان للدنيا وتركه للآخرة ذكر ما يهيج على طلب الآخرة بذكر كرامة الله للمؤمنين فيها وإهانته للكافرين فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أي: حسنة ناعمة، قال ابن كثير: أي: حسنة بهية