إذا تذكّرنا ذلك، عرفنا كيف أننا أخذنا تفصيلا في قضايا الميثاق، فقد لاحظنا تكرّر العهد والميثاق في ابتداء المقطع، وفي نهايته، وفي الوسط، كما لاحظنا قوله تعالى:
إنّ ذكر الخسران في نهاية آيتي البقرة، وفي وسط هذا المقطع من هذه السورة، كل ذلك يذكّرنا بالمحور الذي تدور حوله معاني السورة ضمن السياق القرآني العام.
[المعنى الحرفي]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ العقد: هو العهد الموثّق. وهي هنا عقود الله التي عقدها على عباده وألزمهم إياها، من مواجب التكليف، سواء ما عقده الله عليهم، أو ما تعاقدوا عليه فيما بينهم، على ضوء شريعته. والظاهر أنّ ما جاء بعد هذا الأمر هو التفصيل له. والأمر بالوفاء بالعقود نهي عن الغدر والنكث.
فوائد: [حول معنى كلمة «العقود» وما يدخل فيها]
١ - قال زيد بن أسلم في تفسير العقود في الآية: هي ستة، عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين. أقول: العقود أكثر من ذلك.
٢ - قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: أن المراد بالعقود في الآية العهود وحكى ابن جرير الإجماع على ذلك.
٣ - استدل الحنفية على لزوم عقد البيع وثبوته، ونفي خيار المجلس، بهذه الآية، وأوّلوا الحديث الصحيح بأنّه في ما قبل العقد. وهو مذهب المالكية مع الحنفية، واعتمد الشافعية عدم لزوم عقد البيع إلا بعد التفرّق. للحديث الصحيح «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا». قال ابن كثير الشافعي: وهذا صريح في إثبات خيار المجلس المتعقّب لعقد البيع، وليس هذا منافيا للزوم العقد، بل هو من مقتضياته شرعا، فالتزامه من تمام الوفاء بالعقود.
٤ - روى ابن أبي حاتم أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود فقال: اعهد إليّ. فقال: