للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعلم أن الله ختم على قلوبهم كما ورد في المحور، إنما هو عقوبة لهم بسبب مما جنته أيديهم خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وأمام عدم نفع الإنذارات بهؤلاء كما ذكرت الآيات المارة معنا من سورة القمر، وأمام استواء الإنذار وعدمه في حقهم كما ذكرته آيتا المحور،

فإن الله عزّ وجل يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ قال ابن كثير: يقول تعالى: فتول يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون هذا سحر مستمر، أعرض عنهم وانتظرهم يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ قال ابن كثير: أي إلى شئ منكر فظيع، وهو موقف الحساب، وما فيه من البلاء، بل والزلازل والأهوال، وقال النسفي: (أي منكر فظيع تنكره النفوس، لأنها لم تعهد بمثله وهو هول يوم القيامة) وقال النسفي:

والداعي إسرافيل عليه السلام

خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ أي: يوم يخرجون خشعا أبصارهم، أي: ذليلة أبصارهم، وقال النسفي: وخشوع الأبصار كناية عن الذلة، لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ أي: من القبور كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ أي: في كثرتهم وانتشارهم في كل جهة، قال ابن كثير: أي كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي جراد منتشر في الآفاق؛ ولهذا قال:

مُهْطِعِينَ أي: مسرعين إِلَى الدَّاعِ أي:

لا يخالفون ولا يتأخرون، قال النسفي: أي مسرعين مادي أعناقهم إليه يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ أي: صعب شديد، وبهذا انتهت المجموعة الأولى.

[كلمة في السياق]

١ - رأينا أنه أمام عدم غناء الإنذار للكافرين أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم، وأن ينتظر فيهم عقاب الله يوم القيامة، ومن المجموعة عرفنا أن هؤلاء هم الذين اجتمع لهم التكذيب واتباع الهوى، أي أصبح التكذيب واتباع الهوى خلقين لهم، أمثال هؤلاء لا ينفع فيهم الإنذار، ولكن هل كل كافر تأصل فيه هذان الخلقان على الكمال والتمام، حتى لم يعد ينفع فيه الإنذار؟ الجواب لا، ومن ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالتبليغ، وإقامة الحجة على الخلق أجمعين، ومن هنا نعلم سر إيمان بعض الكافرين؟

ذلك لأنه لا زال في قلوبهم بقية من الفطرة، ولم يصلوا في التعقيد إلى الذروة، وقد أبرزنا هذه المعاني في أول سورة الأنبياء، ولهذه الأسباب كلها نعلم لم أقام الله الحجج الكثيرة على الكافرين، ولم ناقش مواقفهم كلها في هذا القرآن؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>