عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اذكروا الله ذكرا كثيرا حتى يقول المنافقون إنكم تراءون». وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة». وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثمّ عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر؛ فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه، إلا مغلوبا على تركه فقال:
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال).
٢ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ .. وتعليق المؤلف على ذلك]
بمناسبة قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ... قال ابن كثير:(هذا تهييج إلى الذّكر، أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم كقوله عزّ وجل: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ* فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة: ١٥١، ١٥٢] وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى:
من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه».
والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة حكاه البخاري عن أبي العالية ورواه أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عنه، وقال غيره: الصلاة من الله عزّ وجل الرحمة.
وقد يقال: لا منافاة بين القولين والله أعلم. وأما الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس، والاستغفار كقوله تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ* رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ الآيات. [غافر: ٧ - ٩]).
أقول: في كتاب (جند الله ثقافة وأخلاقا) ذكرت أن الطريق إلى الهداية هو صلاة الله علينا، وصلاة الله علينا لها أسبابها فعلينا أن نتعرض لهذه الأسباب، وقد ذكرت من أسبابها الواردة في الكتاب والسنة: الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والصبر، والاسترجاع، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وغير ذلك. وذكرنا هناك أدلة كل