للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كلمة في السياق]

بين الله عزّ وجل في هذه الآية أن العاقبة لرسل الله عليهم الصلاة والسلام، وأن النصرة لهم، وأن الذلة لمن يحارب الله ورسوله، ثم تختم السورة بآية تبين أن الإيمان الحقيقي هو الذي لا يكون معه موادة لمن يحارب الله ورسوله أصلا، سواء كان المحارب كافرا أصليا أو منافقا، وذلك في سياق السورة التي تتحدث في سياقها الرئيسي عن المنافقين الذين يحادون الله ورسوله من خلال التناجي بالباطل، وموالاة الكافرين، لتبين أن الإيمان الحقيقي لا يجتمع مع الموالاة لأعداء الله.

...

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي:

من حاربهما وخالفهما وعاداهما. قال ابن كثير: أي: لا يوادون المحاربين ولو كانوا من الأقربين وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ قال النسفي: (أي: من الممتنع أن تجد قوما مؤمنين يوالون المشركين، مهما كانت قرابتهم حتى ولو كانت القرابة كمثل ما ذكر، والمراد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقه أن يمتنع ولا

يوجد بحال) أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي: جعل في قلوبهم الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي: وقواهم بحياة منه. قال ابن كثير: أي: من اتصف بأنه لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أباه أو ابنه أو أخاه فهذا ممن كتب الله في قلبه الإيمان، أي: كتب له السعادة وقررها في قلبه وزين الإيمان في بصيرته وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بتوحيدهم الخالص وطاعتهم وَرَضُوا عَنْهُ بثوابه الجسيم في الآخرة أو بما قضى عليهم في الدنيا، وفي ذكر الرضى المتبادل سر بديع فسره ابن كثير بقوله: وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله؛ عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم، والفوز العظيم، والفضل العظيم أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أي: جنده وأنصار الحق الذي أنزل ودعاة الخلق إليه. قال ابن كثير: أي: عباد الله وأهل كرامته أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ قال النسفي: أي: الباقون في النعيم المقيم الفائزون بكل محبوب، الآمنون من كل مرهوب، وقال ابن كثير: تنويه بفلاحهم وسعادتهم ونصرتهم في الدنيا والآخرة في مقابلة ما ذكر عن أولئك بأنهم حزب الشيطان ثم قال: أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>