بثقافة عصرهم، ولم يجدوا فيه مستنكرا، وهكذا، ومن ثم فإنه ما دام يخاطب العرب أولا فإن العربي يشعر أنه يخاطب من حيث يعرف.
٨ - [مشهد من مشاهد يوم القيامة وعذاب الكافرين فيه]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يقول ابن كثير: «فإنه إذا جئ بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، فيشرف عنق منها على الخلائق، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه فتقول: إنّي وكّلت بكل جبار عنيد، الذي جعل مع الله إلها آخر وبكذا، وبكذا، وتذكر أصنافا من الناس كما جاء في الحديث، ثم تنطوي عليهم وتتلقّطهم من الموقف كما يتلقط الطائر الحب. قال الله تعالى: إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً* وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً*، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً. (الفرقان: ١٢ - ١٤) وقال تعالى:
٩ - [كلام النسفي عند الآية (٨٩) وكلام للمؤلف حول خطأين يقع فيهما كثير من الناس]
عند قوله تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ قال النسفي: (أي: من أمور الدين، أما في الأحكام المنصوصة فظاهر وكذا فيما ثبت بالسنة، أو بالإجماع، أو بقول الصحابة، أو بالقياس، لأن مرجع الكل إلى الكتاب، حيث أمرنا فيه باتباع رسوله عليه السلام وطاعته بقوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ*، وحثنا على الإجماع فيه بقوله: وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وقد رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمته باتباع أصحابه بقوله: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طرف الاجتهاد والقياس، مع أنه أمرنا به بقوله:
فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ فكانت السنة والإجماع وقول الصحابي والقياس مستندة إلى تبيان الكتاب فتبين أنه كان تبيانا لكل شئ) اهـ.
أقول: وإن أعظم ما وقع فيه المسلمون من أخطاء خطئان:
[الخطأ الأول]
: هو نسيانهم أنه ما من قضية من قضايا الوجود إلا ولله فيها الحكم الحق، وأنه لا يسع المسلم أن يخرج عن حكم الله أو يتخلى عنه، ونتج عن هذا أن كثيرا من أبناء المسلمين- حكومات وأفرادا- أخذوا يستوردون الأفكار والعادات والقوانين