١ - قال كثير من العلماء: بعث الله كل نبي بمعجزة تناسب أهل زمانه، وتقوم عليهم الحجة بها من خلال اهتماماتهم، وما يبرعون فيه. ومن ثم كانت معجزة عيسى إبراء الأكمه والأبرص ... وإحياء الموتى، لأن علم الطب، والطبيعة كانا مثار اهتمام في البلاد التي تسيطر عليها الدولة الرومانية، فجاءهم بما يسلم به الجميع من أن هذا رسول الله.
٢ - في قوله تعالى: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ دليل على أن النسخ قد وقع في شريعة عيسى لشئ من شريعة موسى. والنصارى في عصورنا المتأخرة أنكروا النسخ سواء كان نسخ شريعة نبي لنبي آخر، أو النسخ ضمن شريعة النبي الواحد من أجل أن يبطلوا شريعتنا، وقد رد عليهم أبلغ رد من كتبهم، وأقوال علمائهم: رحمة الله بن خليل الهندي في كتابه (إظهار الحق) إذ أثبت من خلال كتبهم: أن نسخ شريعة نبي لشريعة نبي آخر، قائم، والنسخ ضمن الشريعة الواحدة قائم. فليراجع الكتاب. وبعد
ما مر يبين الله- عزّ وجل- كيف فوت على الماكرين بعيسى مكرهم:
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ الأكثرون من المفسرين على أن المراد بالوفاة هنا النوم، أي منيمك، ومنهم من قال: إني قابضك إلي. ومنهم من قال: المعنى: إني متوفيك وفاة وعاصمك من أن يقتلك الكفار، وهذه بشارة له بعدم القتل، وسيكون موته بعد نزوله من السماء وَرافِعُكَ إِلَيَّ، أي: إلى سمائي، ومقر ملائكتي؛ بدليل رؤيته من رسولنا عليه الصلاة والسلام يوم المعراج في السماء. وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: من سوء جوارهم، وخبث صحبتهم؛ برفعي إياك إلى السماء وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ أي: المسلمين لأنهم متبعوه في أصل الإسلام وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى. فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فوقهم بالحجة والبيان، وبالسيف في كثير من الأحوال. ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ في الآخرة فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
ثم بين الله- عزّ وجل- ما هو الحكم الذي سيحكمه فقال: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ في الدنيا بالقتل والسبي وأخذ الأموال، وإزالة الأيدي عن الممالك، وفي الدار الآخرة عذابهم أشد وأشق.