للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم، أو إلا وقت أن يؤذن لكم إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ أي نضجه، قال قتادة ومجاهد وغيرهما: أي غير متحيّنين نضجه واستواءه. أي لا ترقبوا الطعام إذا طبخ حتى إذا قارب الاستواء تعرضتم للدخول فإنّ هذا مما يكرهه الله ويذمّه، وهذا دليل على تحريم التطفل وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا أي فتفرقوا.

في صحيح مسلم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا أو غيره»، وفي الصحيح: «لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إلى كراع لقبلت، فإذا فرغتم من الذي دعيتم إليه فخففوا عن أهل المنزل، وانتشروا في الأرض» وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ نهوا عن أن يطيلوا الجلوس، يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أي من أجل إخراجكم وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أي لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحييّ منكم، ولهذا نهاكم عن ذلك، وزجركم عنه، يعني: أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيا منه، قال النسفي: (هذا أدب أدّب الله به الثقلاء) وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ أي إذا سألتم نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلم لدلالة بيوت النبي لأن فيها نساءه مَتاعاً أي عارية أو حاجة فَسْئَلُوهُنَّ المتاع مِنْ وَراءِ حِجابٍ. قال ابن كثير:

(أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب) ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ من خواطر الشيطان، وعوارض الفتن وَما كانَ لَكُمْ أي وما صح لكم أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً أي وما صح لكم إيذاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا نكاح أزواجه من بعد موته إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً أي ذنبا عظيما. قال ابن كثير:

(هذه آية الحجاب، وفيها أحكام وآداب شرعية).

ثم قال تعالى: إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً من إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلم أو من نكاحهن أَوْ تُخْفُوهُ في أنفسكم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فيعاقبكم به،

ثمّ بيّن الله عزّ وجل الدائرة التي لا يجب الاحتجاب منها فقال: لا جُناحَ أي لا إثم عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ أي نساء المؤمنات وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ قال ابن كثير: (يعني به أرقاءهن من الذكور والإناث، كما تقدّم التنبيه عليه، وإيراد الحديث فيه، قال سعيد بن المسيب: إنما يعني به الإماء فقط، رواه ابن أبي حاتم).

<<  <  ج: ص:  >  >>