للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير سورة البقرة، إذ ذكرنا أن السموات السبع- المنصوص عليها بالقرآن- سماوات مغيّبة عنا، وأنها قريبة، فهي أقرب من نجوم غير المجموعة الشمسية، ويؤكد هذا القرب النسبي أن النيازك إنما يظهر ضوؤها الثاقب إذا اصطدمت في جو الأرض، مما يشير إلى أن المكان الذي يصاب به الجن هو جو الأرض، وبالتالي فهم لا يصعدون بعيدا لسماع نبأ السماء والوحي.

٥ - [أقوال المفسرين في السموات السبع والعرش، ورأي المؤلف في ذلك]

للمفسرين كلام كثير ومختلف في موضوع النجوم، والأرض، والسموات، والشمس، والقمر، واختلاف الكلام يدلّ على أن للاجتهاد وللتحقيق فيه نصيب، فمن تصورات بعضهم ما نقله الألوسي بقوله: (خلق الله سبحانه السموات السبع، وجعل في كل منها كوكبا، وهي الجواري) ومن تصورات بعضهم أن الشمس في السماء الرابعة، ومن القديم ذهب بعض المفسرين إلى أنه يوجد بعد العرش نجوم، فالآراء في هذا كثيرة وقسم كبير منها ظني.

والذي أرجحه: أن السموات السبع والعرش من الأمور الغيبية، وأن المجموعة الشمسية في وسط السماء الدنيا، وأن الكواكب السيارة دونها، ولا أستبعد أن يكون ذلك هو المراد بقوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ [الصافات:

٦] فالكواكب السيارة بعض زينة السماء الدنيا، هذا إذا لم يكن المراد بالسماء الدنيا السماء اللغوية، وأتصور أن هناك نسبة ثابتة بين الأرض والسموات السبع والعرش، وأن السموات السبع والعرش والمجموعة الشمسية في حالة حركة واحدة، لتبقى النسبة ثابتة، وهذه كلها موجودة ضمن الكون الكبير في مجرّاته الواسعة وسيمرّ في هذا التفسير ما يوضّح الكثير عن هذه الأمور.

٦ - [حول المقصود بالمشرقين والمغربين وكلام صاحب الظلال بمناسبة آية وَرَبُّ الْمَشارِقِ]

ذكر القرآن مشرقا ومغربا واحدا، وذكر مشرقين ومغربين، وذكر مشارق ومغارب، فقال مرة رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [المزمل: ٩] وقال رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن: ١٧] وقال فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: ٤٠] وقال هاهنا في سورة الصافات وَرَبُّ الْمَشارِقِ وحاول بعض

المفسرين أن يذكر تعليلا لذلك والذي يبدو لي أن التعليل الوحيد لذلك هو: أن الإنسان في أي مكان من الأرض يرى شروقا واحدا للشمس، وغروبا، والغروب في حقه شروق في حق غيره من الجهة الثانية من الأرض، والشروق في حقه غروب في حق غيره، ومن ثمّ كان مشرقان ومغربان،

<<  <  ج: ص:  >  >>