للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا انفردوا عن أهل الكفر. لقول أبي بكر ليزيد. (وستجد أقواما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله. فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له). فإن كانوا مع الكفار في الكنائس، قتلوا. ولو ترهبت المرأة، فروى أشهب أنها لا تهاج. وقال سحنون:

لا يغير الترهب حكمها. قال القاضي أبو بكر بن العربي: والصحيح عندي رواية أشهب، لأنها داخلة تحت قوله: فذرهم وما حبسوا أنفسهم له.

الرابعة: الزمنى. قال سحنون: يقتلون. وقال ابن حبيب: لا يقتلون. والصحيح أن تعتبر أحوالهم. فإن كانت فيهم إذاية قتلوا، وإلا تركوا وما هم بسبيله من الزمانة، وصاروا حالا على حالهم وحشوة.

الخامسة: الشيوخ. قال مالك في كتاب محمد: لا يقتلون. والذي عليه جمهور الفقهاء: إن كان شيخا كبيرا، هرما، لا يطيق القتال، ولا ينتفع به في رأي، ولا مدافعة، فإنه لا يقتل. وبه قال مالك، وأبو حنيفة. وللشافعي قولان: أحدهما، مثل قول الجماعة. والثاني: يقتل هو والراهب. والصحيح الأول. لقول أبي بكر ليزيد ولا مخالف له. فثبت أنه إجماع. وأيضا فإنه ممن لا يقاتل، ولا يعين العدو. فلا يجوز قتله كالمرأة. وأما إن كان ممن تخشى مضرته بالحرب أو الرأي، أو المال فهذا إذا أسر يكون الإمام فيه مخيرا بين خمسة أشياء: القتل، أو المن، أو الفداء، أو الاسترقاق، أو عقد الذمة على أداء الجزية.

السادسة: العسفاء. وهم الأجراء والفلاحون. فقال مالك في كتاب محمد: لا يقتلون. وقال الشافعي: يقتل الفلاحون، والأجراء، والشيوخ، والكبار، إلا أن يسلموا، أو يؤدوا الجزية. والأول أصح. لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رباح بن الربيع:

«الحق بخالد بن الوليد، فلا يقتلن ذرية، ولا عسيفا». وقال عمر بن الخطاب:

«اتقوا الله في الذرية والفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب». وكان عمر بن عبد العزيز لا يقتل حراثا. ذكره ابن المنذر.

وحتى لا يدخل أحد أصنافا يجب قتلهم في هؤلاء الذين منعنا من قتلهم.

[يقول القرطبي]

(فأما المرتدون، فليس إلا القتل أو التوبة. وكذلك أهل الزيغ والضلال. ليس إلا السيف أو التوبة. ومن أسر الاعتقاد بالباطل، ثم ظهر فهو كالزنديق، يقتل ولا يستتاب.

وأما الخوارج على أئمة العدل، فيجب قتالهم حتى يرجعوا إلى الحق)

<<  <  ج: ص:  >  >>