وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ أي وما تعميره بمغيثه من العذاب ولا منجيه منه وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ من خير وشر وسيجازي عليه.
ثم تأتي الحجة الثالثة عليهم في هذه المجموعة:
إن دين الله واحد، ومن أحب الله أحب ملائكته كلهم، وأحب رسله كلهم؛ فوالى الجميع ولم يعاد أحدا منهم، واليهود ليسوا كذلك، فهم يوالون في زعمهم رسولا ويعادون رسولا، ويوالون ملكا ويعادون ملكا، فها هم يعادون جبريل ويزعمون أنهم يوالون ميكائيل فأي طبيعة طبيعتهم؟ وأي تناقض عندهم؟ وإذ كانوا كذلك فذلك دليل على أنهم ناس منحرفون عن الحق وعن الربانية الخالصة فما هم بأهل الله وليسوا على دينه.
معنى كلمة جبريل عبد الله، وكذلك كلمة ميكائيل، وقيل بأن جبريل معناها خادم الله، وذكر جبريل وميكال بعد الملائكة والرسل من باب عطف الخاص على العام، فإنهما دخلا في الملائكة وفي عموم الرسل، ثم خصصا بالذكر لأن السياق في الانتصار لجبريل وهو السفير بين الله وأنبيائه، وقرن معه ميكائيل في اللفظ لأن اليهود زعموا أن جبرائيل عدوهم وميكائيل وليهم، فأعلمهم الله تعالى أن من عادى واحدا منهما فقد عادى الآخر وعادى الله أيضا، ولأنه أيضا ينزل على أنبياء الله بعض الأحيان، كما قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتداء الأمر ولكن جبرائيل أكثر وهي وظيفته الرئيسية. وميكائيل موكل بالنبات والقطر، ذاك بالهدى وهذا بالرزق، كما أن إسرافيل موكل بالنفخ في الصور للبعث يوم القيامة، ولهذا جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول:«اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
وإنما قال فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ولم يقل فإن الله عدو له؛ لإظهار أن من عادى رسولا فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدو له. فالمجئ بالاسم الظاهر بدل الضمير ليدل على أن الله إنما عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة كفر كعداوة الأنبياء، ومن عاداهم عاداه الله. وفي قوله تعالى في وصف جبريل فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى