للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً قال النسفي: (اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا، ما هو؟ على أقوال (أحدها) ما رواه العوفي عن ابن عباس: أنهم أرواح بني آدم. (الثاني) هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة، وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه. (الثالث) أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا بملائكة ولا ببشر وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش.

(الرابع) هو جبريل، قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك، ويستشهد لهذا القول بقوله عزّ وجل: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. وقال مقاتل بن حيان: الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عزّ وجل وصاحب الوحي. (الخامس) أنه القرآن قاله ابن زيد كقوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا الآية. (والسادس) أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات. قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا). أقول: ما رجحه النسفي هو الذي نرجحه، وهو أن المراد بالروح جبريل عليه السلام، فالآية تذكر أن جبريل على كرامته على الله، والملائكة الآخرون على كرامتهم عنده جل جلاله، هذا أدبهم يوم القيامة.

[كلمة أخيرة في سورة النبأ ومجموعتها]

فصلت سورة المرسلات وسورة النبأ في مقدمة سورة البقرة، فتحدثنا عن المتقين والكافرين، عن المتقين وما لهم عند الله عزّ وجل، وعن الكافرين وما أعد لهم الله عزّ وجل من عذاب، وبين السورتين صلات كثيرة؛ فآخر سورة المرسلات متصل بأول سورة النبأ، وكل من السورتين ورد فيها: (الم) في بداية فقرة أو مجموعة، ففي سورة المرسلات تكررت (الم) ثلاث مرات، ووردت مرة واحدة في سورة النبأ، وفي كل من السورتين وردت في سياق إقامة الحجة، وورد تعبير (يوم الفصل) في كل من السورتين فبين السورتين تشابه كثير.

والسورتان تفصلان في مقدمة سورة البقرة، وكل منهما تحدثت عن المتقين والكافرين بآن واحد، وذلك مضمون مقدمة سورة البقرة، فالكلام عن المتقين يقتضي الكلام عن الكافرين والعكس، ومن ثم فلا غرابة أن نجد ذلك في كل من السورتين، وإن كان المحور الرئيسي لكل منهما هو ما رأيناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>