للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أن بين أن كل الرسل بعثوا بالتوحيد وبعبادة الله وحده وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ نزه الله عزّ وجل ذاته عن ذلك بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ أي بل هم عباد مكرمون

مشرفون مقربون، فهو إذا اتخذ يتخذ عبادا ويكرمهم، ولا يتخذ أولادا فالعبودية تنافي الولادة

لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ أي لا يسبقونه بقولهم، فهم في غاية الأدب، ويدخل في ذلك الملائكة والأنبياء، إذ المعنى: أنهم يتبعون قوله، فلا يسبق قولهم قوله، ولا يتقدمون قوله بقولهم وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ فهم في غاية الطاعة، فكما أن قولهم تابع لقوله فعملهم أيضا مبني على أمره، لا يعملون عملا لم يؤمروا به، فهم في غاية الأدب وهم في غاية الطاعة

يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أي ما قدموا وأخروا من أعمالهم وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى أي لمن رضي الله عنه، وقال لا إله إلا الله وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ أي خائفون

وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ أي من ادعى منهم أنه إله من دون الله، أي مع الله فَذلِكَ القائل نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ وهذا على سبيل الفرض والتمثيل لتحقق عصمتهم كَذلِكَ أي مثل ذلك الجزاء نَجْزِي الظَّالِمِينَ أي الكافرين الذين وضعوا الإلهية في غير موضعها.

[كلمة في السياق]

الصلة بين هذه الآيات الأربع من المجموعة الثالثة وما قبلها، من حيث إن جعل الملائكة أولادا يتنافى مع التوحيد، فلا يتفق مع توحيد الله أن يكون له ولد؛ إذ للولد أحكام الأب، وبالتالي يكون هناك لله شريك، والله منزه عن الشريك، فالآيات ذكرت اتجاها شركيا للكافرين، وردت عليه في سياق التأكيد على التوحيد.

والصلة بين هذه الآيات الأربع وسياق السورة: أنها قصت لنا قولا جديدا من أقوال أهل الشرك والكفر، وردت عليه، لتأتي بعد ذلك أربع آيات تنفي كل ما مر من أقوالهم ومواقفهم، فلنر بقية آيات المجموعة الثالثة.

...

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً أي كانتا شيئا واحدا، أو كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت فَفَتَقْناهُما أي ففصلنا السماء عن الأرض، على القول الأول. أو تشققت الأرض بالنبات، وجعلنا السماء تمطر على

<<  <  ج: ص:  >  >>