للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النسفي: أي: ماء كافور، وهو اسم عين في الجنة، ماؤها في بياض الكافور، ورائحته وبرده

عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال النسفي: (أي:

يجرونها حيث شاءوا من منازلهم تفجيرا سهلا لا يمتنع عليهم، وقال ابن كثير: أي:

يتصرفون فيها حيث شاءوا وأين شاءوا من قصورهم ودورهم، ومجالسهم ومحالهم، والتفجير هو الإنباع. وقال: وقد علم ما في الكافور من التبريد، والرائحة الطيبة، مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة، أقول: قد علم أنه ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء، فالاسم واحد والطعم مختلف، وقال ابن كثير في الآية: (أي: هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج، ويروون بها، وقال بعضهم: هذا الشراب في طيبه كالكافور، وقال بعضهم: هو من عين كافور)

ثم بين بما استحقوا ذلك فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال النسفي: (أي: يوفون بما أوجبوا على أنفسهم ... ) والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوافر على أداء الواجبات؛ لأن من وفى بما أوجبه على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى وَيَخافُونَ يَوْماً هو يوم القيامة كانَ شَرُّهُ أي: شدائده مُسْتَطِيراً أي: منتشرا، قال ابن كثير: أي: منتشرا عاما إلا من رحم الله

وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ أي: على حب الطعام من الاشتهاء والحاجة إليه، أو على حب الله مِسْكِيناً أي: فقيرا عاجزا عن الاكتساب وَيَتِيماً أي:

صغيرا لا أب له وَأَسِيراً أي: مأسورا، وقد كان أسير المسلمين زمن نزول الوحي كافرا فعرفنا أن خيرهم يمتد إلى الكافر فضلا عن المسلم،

ثم عللوا لإطعامهم فقالوا إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ أي: لطلب ثوابه لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً أي:

مكافأة أو هدية على ذلك وَلا شُكُوراً أي: ثناء، وهذه علامة الإخلاص أن تفعل الخير لا تريد عليه جزاء ولا ثناء، وليس شرطا أن يقولوا هذا لمن يقدمون له الخير، وإنما المراد أن يكون ذلك قائما في أنفسهم، فالآية تحتمل أن تكون بيانا من الله عزّ وجل عما في ضمائرهم؛ لأن الله تعالى علمه منهم فأثنى عليهم، وإن لم يقولوا شيئا. قال مجاهد وسعيد بن جبير: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علم الله به من قلوبهم فأثنى عليهم به، ليرغب في ذلك راغب

إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً القمطرير: الشديد العبوس الذي يجمع ما بين عينيه، وفسر ابن عباس العبوس بالضيق، والقمطرير بالطويل. قال ابن كثير في الآية: أي: إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير، وقال النسفي: أي: إنا

<<  <  ج: ص:  >  >>