إن هذا المقطع كما أنه خاتمة قسم، فهو مقدمة مباشرة للقسم اللاحق. وإن القسم الأول والقسم اللاحق يتعانقان حتى ليكادان يشكلان قسما واحدا. فهما يبنيان مع المقدمة قضية التقوى ليأتي القسم الثالث ليبني على ذلك الإسلام كله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً.
فالقسم الثالث في السورة يبني على القسمين السابقين، والقسم الثاني في السورة يبني على القسم الأول الذي جاء بعد المقدمة.
فمثلا: القسم الأول بدأ بالدعوة إلى العبادة والتوحيد. وختم بذلك.
لقد جاءت المقدمة لتبين التقوى وتصف أهلها، كما بينت الكفر والنفاق ووصفت أهل ذلك. وجاء القسم الأول ليدلنا على طريق التقوى وطريق الكفر والنفاق، وحدد بداية الطريق للتقوى، أنه العبادة والتوحيد. وسيأتي القسم الثاني ليكمل معاني ويبني على معان، ويفصل بناء على ما مر في قضية التقوى، وليدلنا على طرق أخرى للتقوى.
والمقطع السادس والأخير في القسم الأول هو بمثابة المقدمة للقسم الثاني. فكما سبق القسم الأول بمقدمة، فقد جاء المقطع الأخير من القسم بمثابة مقدمة للقسم الثاني. ومن ثم كان هناك تشابه بين مقدمة سورة البقرة وهذا المقطع. في مقدمة سورة البقرة:
كلام عن المتقين الذين من صفاتهم اهتداؤهم بالقرآن، وإيمانهم وإقامتهم الصلاة.
وجاء المقطع السادس وفي بدايته أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة. وختمت مجموعة الصبر بقوله تعالى. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. ثم جاءت بعد ذلك آية فيها هداية قرآنية في شأن الصفا والمروة، ثم آية في التحذير من كتمان شئ من كتاب الله. وكل ذلك له صلة ما بالكلام عن المتقين