معصية فالطاعة حرام، وحيثما كان واجبا فالطاعة واجبة.
والطاعة في المعصية حرام ولكن الحكم على المطيع في المعصية يختلف باختلاف أنواع المعاصي، ويختلف باختلاف أحوال الآمر والمأمور، ويتدخل في الحكم عوامل متعددة لا بد أن تراعى، فهناك حالات تغتفر في حالات الإكراه، وهناك حالات لا تغتفر، وهناك حالات ينفذ الإنسان فيها أمرا لا يجوز ومع ذلك يعتبر في عبادة، كالصورة التي ذكرها الفقهاء: لو أن أميرا فرض ضريبة ظالمة على ناس ويمكن أن يوزعها عادل فيوزع الظلم بعدل أو يوزعها ظالم فيزيد الظلم ظلما قال الفقهاء: الذي يوزع الظلم بعدل هو كالمجاهد في سبيل الله. هذا كله لا بد أن يتفطن له، ونحن ندرس أمر الطاعة في ظروفنا وأوضاعنا. ومن الآية نعرف: أنه في حالة أي خلاف على أي أمر فالحكم هو الكتاب والسنة بين كل الناس وفي كل قضية.
بقي أن نتساءل ما هو حكم طاعة أولي الأمر في المباح؟ نقول: لا بد من التفريق بين المباح الأصلي الذي تقتضي مصلحة للمسلمين بتقييده كأن يقيد السير بقانون فلا شك في هذه الحالة أن طاعة أولي الأمر من المسلمين واجبة فيه، وبين التحكم في تحريم الحلال فذلك لا يجوز لأحد، وقد عرض الألوسي لهذه المسألة في تفسيره وذكر وجهات النظر فيها فقال:«وهل يشمل المباح أم لا؟ فيه خلاف، فقيل: إنه لا يجب طاعتهم فيه لأنه لا يجوز لأحد أن يحرم ما حلله الله تعالى. ولا أن يحلل ما حرمه الله تعالى، وقيل: تجب أيضا كما نص عليه الحصكفي وغيره، وقال بعض محققي الشافعية: يجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم يأمر بمحرم، وقال بعضهم: الذي يظهر أن ما أمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط، بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا، وكذا يقال في المباح الذي فيه ضرر للمأمور به، ثم هل العبرة بالمباح والمندوب المأمور به باعتقاد الآمر. فإذا أمر بمباح عنده سنة عند المأمور يجب امتثاله ظاهرا فقط، أو المأمور فيجب باطنا أيضا وبالعكس فينعكس ذلك كل محتمل؟ وظاهر إطلاقهم في مسألة أمر الإمام الناس بالصوم للاستسقاء الثاني لأنهم لم يفصلوا بين كون الصوم المأمور به هناك مندوبا عند الآمر أولا، وأيد بما قرروه في باب الاقتداء من أن العبرة باعتقاد المأموم لا الإمام، ولم أقف على ما قاله أصحابنا في هذه المسألة فليراجع هذا».
[نقل]
قدم صاحب الظلال للآيات التي بدأت بتوضيح مواقف أهل الكتاب بمقدمة هي