الحكم! ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: ماذا سمعت؟ قال: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا، ولا نصدقه. قال: فقام عنه الأخنس وتركه.
فسر كثير من المفسرين أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ في قوله تعالى:
قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً* أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فسروها بالموت، فإن الموت يعظم في صدور الكافرين أن يكون بعده حياة، ولم نقيدها نحن في صلب التفسير بقيد، وتركناها مطلقة كما هو المذهب المختار عند المفسرين. وعند هذه الآية يقول ابن كثير: وقد ذكر ابن جرير هاهنا حديثا «يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار. ثم يقال: يا أهل الجنة أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم. ثم يقال: يا أهل النار أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال:
يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت».
أقول: ومناسبة الحديث للآية غير واضحة إلا من حيث التدليل على أن الموت مخلوق، للتدليل على أن قوله تعالى: أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ يمكن أن يراد به الموت.
٧ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ]
وبمناسبة قوله تعالى يَوْمَ يَدْعُوكُمْ أي يوم القيامة فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ قال ابن كثير: وقد جاء في الحديث «ليس على أهل «لا إله إلا الله» وحشة في قبورهم، كأني بأهل «لا إله إلا الله» يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رءوسهم، يقولون: لا إله إلا الله». ومما قاله ابن كثير يفهم أن استجابتهم للبعث يرافقها كونهم ذاكرين.
رأينا أن الله عزّ وجل قد قال في هذا المقطع وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ وأنه قد جاء هذا الأمر في سياق إقامة الحجة على الكافرين، وتسفيه ما هم فيه، وعند ما يأتي أمر في هذا المقام، يستشعر المسلم خصوصيته ومودة الله إياه، فيستقبل هذا الأمر بجوارحه كلها، بعقله، وقلبه، وروحه، وفي هذا الأمر أدب من أرقى الآداب الإسلامية وأصعبها؛ إلا على من عصمه الله وحفظه، وهو أن يقول المسلم لأخيه المسلم الكلمة الطيبة في كل حال، في غضبه