موسى: هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها أي أعتمد عليها إذا أعييت، أو وقفت على رأس القطيع، وعند الطفرة وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي أي وأخبط بها ورق الشجر على غنمي لتأكل. قال الإمام مالك: الهش: أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم يحركه حتى يسقط ورقة وثمره، ولا يكسر العود فهذا الهش ولا يخبط وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أي حاجات ومصالح ومنافع أُخْرى قال ابن كثير:(وقد تكلف بعضهم لذكر شئ من تلك المآرب التي أبهمت ... ولكن كل ذلك من الإسرائيليات)
قالَ أَلْقِها يا مُوسى أي اطرحها من يدك
فَأَلْقاها أي طرحها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى أي تمشي سريعا وتضطرب. قال صاحب الظلال:(ووقعت المعجزة الخارقة التي تقع في كل لحظة، ولكن الناس لا ينتبهون إليها. وقعت معجزة الحياة. فإذا العصا حية تسعى. وكم من ملايين الذرات الميتة أو الجامدة كالعصا تتحول في كل لحظة إلى خلية حية، ولكنها لا تبهر الإنسان كما يبهره أن تتحول عصا موسى حية تسعى!، ذلك أن الإنسان أسير حواسه، وأسير تجاربه، فلا يبعد كثيرا في تصوراته عما تدركه حواسه، وانقلاب العصا حية تسعى ظاهرة حسية تصدم حسه فينتبه لها بشدة. أما الظواهر الخفية لمعجزة الحياة الأولى، ومعجزات الحياة التي تدب في كل لحظة فهي خفية قلما يلتفت إليها. وبخاصة أن الألفة تفقدها جدتها في حسه، فيمر عليها غافلا أو ناسيا).
ومن مجموع ما وصف الله هذه الحية في كتابه فهم ابن كثير أنها: صارت في الحال حية عظيمة ثعبانا طويلا يتحرك حركة سريعة، فإذا هي تهتز كأنها جان، وهو أسرع الحيات حركة، ولكنه صغير، فهذه في غاية الكبر، وفي غاية سرعة الحركة
قالَ الله تعالى: خُذْها وَلا تَخَفْ، سَنُعِيدُها أي سنردها سِيرَتَهَا الْأُولى أي في طريقتها الأولى، أي نردها عصا كما كانت
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ أي إلى جنبك تحت العضد. أي أدخلها تحت عضدك تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي من غير برص، ولا أذى، ومن غير شين آيَةً أُخْرى لنبوتك
لِنُرِيَكَ بهاتين الآيتين مِنْ آياتِنَا أي بعض آياتنا الْكُبْرى أي العظمى، أي فعلنا ذلك لنريك من آياتنا الكبرى
اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى أي جاوز العبودية إلى الربوبية، أي اذهب إلى فرعون ملك مصر الذي خرجت فارا منه، وهاربا، فادعه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومره فليحسن إلى بني إسرائيل ولا يعذبهم، إنه قد طغى وبغى، وآثر الحياة الدنيا، ونسي الرب الأعلى.