للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه). (وروى أبو يعلى وابن جرير ... عن عائشة قالت: أنزلت عَبَسَ وَتَوَلَّى في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول:

أرشدني، قالت: وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين قالت: فجعل النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر ويقول: «أترى بما أقول بأسا؟» فيقول: لا، ففي هذا أنزلت عَبَسَ وَتَوَلَّى. وقد روى الترمذي هذا الحديث بإسناده مثله).

[التفسير]

عَبَسَ وَتَوَلَّى أي قطب بين جبينه غاضبا وأعرض

أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى أي فعل ذلك لأنه جاءه الأعمى

وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي يتزكى، قال النسفي: (أي: وأي شئ يجعلك داريا بحال هذا الأعمى ... لعل هذا الأعمى يتطهر بما يسمع منك من دنس الجهل)، وقال ابن كثير: أي تحصل له زكاة وطهارة في نفسه

أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أي: أو يتعظ فتنفعه ذكراك، أي: موعظتك، قال النسفي: (أي إنك لا تدري ما هو مترقب منه من تزك أو تذكر ولو دريت لما فرط ذلك منك)

أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى أي: من كان غنيا بالمال

فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى أي تتصدى أي تتعرض بالإقبال عليه حرصا على إيمانه، قال ابن كثير: أي أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي، أقول: إن الاستغناء في الآية يدخل فيه الغنى بالمال الذي يترتب عليه الشعور بالاستغناء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن الدعوة الإسلامية طغيانا، ويدخل فيه الاستغناء بالنفس عن طلب الهداية بواسطة الافتقار إلى الله، والافتقار إلى رسوله صلى الله عليه وسلم

وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى قال النسفي: (أي وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام، إن عليك إلا البلاغ)، وقال ابن كثير: أي ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة أي طهارة نفس من الشرك ودنس الأخلاق

وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى أي يسرع في طلب الخير

وَهُوَ يَخْشى الله ومقامه بين يديه

فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى أي تتلهى أي تتشاغل. قال ابن كثير في الآيتين: أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له فأنت عنه تلهى أي تتشاغل، قال ابن كثير: (ومن هاهنا أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخص بالإنذار أحدا بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف والفقير والغني والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، ثم الله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة)، وقال النسفي: وروي أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط، ولا تصدى لغني، وروي أن الفقراء في مجلس الشورى كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>