إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ أي يداومون على تلاوة القرآن وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ليلا ونهارا، إسرارا وإعلانا. أي يجمعون بين تلاوة الكتاب والعمل به يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ أي لن تكسد. يعني: تجارة ينتفي عنها الكساد، وتنفق عند الله. قال ابن كثير: أي يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ أي ثواب أعمالهم وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر على بالهم إِنَّهُ غَفُورٌ لذنوبهم شَكُورٌ للقليل من أعمالهم.
وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ أي القرآن هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ أي من الكتب المتقدمة يصدقها كما شهدت هي له بالتنويه، وأنه منزل من رب العالمين إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. قال ابن كثير:(أي هو خبير بهم، بصير بمن يستحق ما يفضله به على من سواه. ولهذا فضّل الأنبياء والرسل على جميع البشر، وفضّل النبيين بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات، وجعل منزلة محمد صلّى الله عليه وسلم فوق جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
[كلمة في السياق]
بعد أن بينت لنا المجموعة السابقة أنه لا يقبل الإنذار إلا من اجتمعت له الخشية والصلاة، ودلّتنا على بواعث الخشية من الله تأتي هذه الآيات لتذكّر بالتلاوة والصلاة والإنفاق. أما التلاوة فكطريق للخشية، وأما الصلاة والزكاة فهما مظهرا الخشية وأثراها. ثم جاءت الآية الأخيرة جسرا بين ما قبلها وما بعدها. فهي تشجّع على التلاوة وتبين أهمّية وراثة الكتاب، وهما المعنيان اللذان وجدت بينهما.
...
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ أي القرآن الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا من هذه الأمّة المجتباة ثم رتّبهم على مراتب فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وهو المفرّط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وهو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا. قال ابن كثير:(وهو المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات) وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
قال ابن كثير: (وهو الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات