وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ أي بعد أن كنتم ترابا ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ لإيصال جزائكم إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ أي جحود قال النسفي في معناها:(إن الإنسان لجحود لما أفاض عليه من ضروب النعم، ودفع عنه من صنوف النقم، أو لا يعرف نعمة الإنشاء المبدئ للوجود، ولا الإفناء المقرب إلى الموعود، ولا الإحياء الموصل إلى المقصود)
[كلمة في السياق]
عرفنا الله عزّ وجل في هذه الآيات على عدد من آلائه وأسمائه، وكأن هذا التعريف في هذا السياق فيه تعليل للأمر بالإنذار، فإن مقتضى كون الله منعما أن يكلف عباده بواسطة رسوله، وأن يحذرهم عاقبة ترك التكليف، وأن يبشرهم بما لهم إن قاموا بحقه، والآيات عرفت على الله بما يستخرج العبادة والتقوى، إذ العبادة والتقوى أثر المعرفة لله وعرفت على الله بما يستجيش الشكر، والعبادة والتقوى بهما يكون الشكر.
فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ولنتابع تفسير المجموعة الرابعة.
لِكُلِّ أُمَّةٍ أي لكل أهل دين، أي لكل أمة نبي جَعَلْنا مَنْسَكاً أي موضعا يحجون إليه ويذبحون عنده هُمْ ناسِكُوهُ أي هم معتادون على فعله، إذ أصل المنسك في كلام العرب: هو الموضع الذي يعتاده الإنسان ويتردد إليه، إما لخير أو شر، ولهذا سميت مناسك الحج بذلك؛ لترداد الناس وعكوفهم إليها فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ أي أمر الذبائح، أو الدين أي فلا يجادلنك، والمعنى: فلا تلتفت إلى قولهم، ولا تمكنهم من أن ينازعوك في هذا الموضوع وَادْعُ إِلى رَبِّكَ أي إلى دينه وشريعته، وعبادته وتقواه إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ أي طريق قويم
وَإِنْ جادَلُوكَ مراء وتعنتا كما يفعله السفهاء بعد اجتهادك ألا يكون بينك وبينهم تنازع وجدال فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ أي فلا تجادلهم وادفعهم بهذا القول: إن الله أعلم بأعمالكم كلها، ما تخفونه وما تظهرونه، وما تريدون بها وما تستحقون عليها من الجزاء، وهذا رد ووعيد وإنذار وتأديب يجاب به كل متعنت
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ أي يفصل بينكم بالثواب والعقاب يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ هذا خطاب من الله للمؤمنين والكافرين،