للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير الفقرة الثالثة من المجموعة الثالثة]

ج-

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ أي: أجيبوه إلى كل ما دعاكم إليه مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ أي: يوم القيامة لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أي: لا يردّه الله بعد ما حكم به، أو لا يقدر أحد على رده ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ أي: إنكار، أي:

ليس لكم مخلص من العذاب، ولا تقدروا أن تنكروا شيئا ممّا اقترفتموه ودوّن في صحائفكم، أو تستنكروا ما يفعل بكم

فَإِنْ أَعْرَضُوا عن الاستجابة لإقامة دين الله، وعن ترك الافتراق فيه فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً أي: رقيبا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ أي: إلا أن تبلّغ، أي: إنما كلّفناك أن تبلّغهم

رسالة الله إليهم وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً أي: نعمة وسعة، وأمنا وصحة، وأمثال ذلك فَرِحَ بِها أي: بطر بذلك وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي: بلاء كالمرض والفقر والجدب والشدة والنقمة، وغير ذلك بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أي: بسبب معاصيهم فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ أي: يذكر البلاء وينسى النعم ويغمطها. قال ابن كثير: أي يجحد ما تقدّم من النّعم، ولا يعرف إلا الساعة الراهنة، فإن أصابته نعمة أشر وبطر، وإن أصابته محنة يئس وقنط.

لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ودليل ذلك يَخْلُقُ ما يَشاءُ وعلامة ذلك يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً أي: يرزقه البنات فقط وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أي: يرزقه البنين فقط

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً أي: ويعطي لمن يشاء من الناس الزوجين الذكر والأنثى، أي: من هذا وهذا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً أي: لا يولد له. قال ابن كثير: (فجعل الناس أربعة أقسام: منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النوعين ذكورا وإناثا، ومنهم من يمنعه هذا وهذا فيجعله عقيما لا نسل له ولا ولد له إِنَّهُ عَلِيمٌ أي: بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام قَدِيرٌ أي: على من يشاء من تفاوت الناس في ذلك، وهذا المقام شبيه بقوله تبارك وتعالى عن عيسى- عليه الصلاة والسلام- وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ أي:

دلالة لهم على قدرته- تعالى وتقدس- حيث خلق الخلق على أربعة أقسام: فآدم- عليه الصلاة والسلام- مخلوق من تراب لا من ذكر ولا أنثى، وحواء- عليها السلام- مخلوقة من ذكر بلا أنثى، وسائر الخلق سوى عيسى- عليه السلام- من ذكر وأنثى، وعيسى- عليه السلام- من أنثى بلا ذكر، فتمت الدلالة بخلق عيسى ابن مريم- عليهما الصلاة والسلام- ولهذا قال تعالى: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ فهذا المقام في

<<  <  ج: ص:  >  >>