الثلاثة) كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ من حيث الوضوح والجلاء الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ من المشركين والملحدين ومن أهل الكتاب الجاحدين ومن الكفار أجمعين فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. أي: برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأي خسارة أعظم من خسارة الجنة ودخول النار؟
وضع الشئ في غير موضعه، وأشنعه اتخاذ المخلوق معبودا. وافترى بمعنى اختلق، والمعنى: لا أحد أظلم لنفسه من اثنين: من اختلق على الله الأكاذيب، فوصفه بما لا يليق به. ومن كذّب بآيات الله كالقرآن والمعجزات، فهؤلاء أظلم الظالمين؛ وهؤلاء لا يفلحون إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ. أي: إن الأمر والشأن عدم فلاح هؤلاء، وكيف يفلحون عند الله وقد جمعوا بين أمرين باطلين، فكذبوا على الله ما لا حجة عليه، وكذّبوا بما ثبت بالحجة.
[نقول وتعليق]
[نقل عن الألوسي حول آية لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ .. وتعليق للمؤلف]
عند قوله تعالى: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ قال الألوسي:
«أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه القرآن، ووصل إليه من الأسود والأحمر، أو من الثقلين، أو لأنذركم به أيها الموجودون، ومن سيوجد إلى يوم القيامة.
قال ابن جرير: من بلغه القرآن فكأنما رأى محمدا صلّى الله عليه وسلّم.
وأخرج أبو نعيم وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بلغه القرآن فكأنما شافهته». واستدل بالآية على أن أحكام القرآن تعم الموجودين يوم نزوله، ومن سيوجد بعد، إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
واختلف في ذلك هو بطريق العبارة في الكل أو بالإجماع في غير الموجودين وفي غير المكلفين. فذهب الحنابلة إلى الأول، والحنفية إلى الثاني، وتحقيقه في الأصول. وعلى أن من لم يبلغه القرآن غير مؤاخذ بترك الأحكام الشرعية، ويؤيده ما أخرجه أبو الشيخ عن أبيّ بن كعب قال:«أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأسارى فقال لهم: هل دعيتم إلى الإسلام؟ فقالوا: لا فخلى سبيلهم ثم قرأ وَأُوحِيَ إِلَيَّ الآية».
وعند النّص نفسه يقول صاحب الظلال:
فكل من بلغه هذا القرآن من الناس، بلغة يفهمها، ويحصل منها محتواه، فقد قامت عليه الحجة به، وبلغه الإنذار، وحق عليه العذاب، إن كذب بعد البلاغ .. (فأما من