الآية الأولى في عقوبة المرأة إذا ثبت زناها قبل أن ينزل الحكم النهائي في سورة النور، فالحكم هنا مرحلي، وقد ذكرت الآية ما يشعر بذلك، وأما حكمة ذكر الآية مع نسخ حكمها فلذلك حكم سنذكرها.
والآية الثانية في عقوبة الرجلين يعملان عمل قوم لوط، أمرنا الله- عزّ وجل- بتعزيرهما حتى إذا تابا وأصلحا كففنا عنهما. ويمكن أن تفهم الآيتان على أن الأولى في عقوبة المرأة إذا زنت، والثانية فى عقوبة الرجال إذا زنوا، وتكون الآيتان منسوختين بالحكم النهائي في عقوبة الزنا المذكورة في سورة النور.
وإذ ذكرت الآية الثانية توبة الزاني أو اللائط، فقد تحدثت الآيتان الأخيرتان عن موضوع التوبة فبين الله- عزّ وجل- أنه يقبل التوبة ممن عمل الذنب بجهالة- والعاصي جاهل حتى ينزع عن الذنب- إذا تاب قبل الغرغرة أي: قبل وصول الروح إلى الحلقوم عند الموت، فمن تاب تاب الله عليه. ثم بين الله- عزّ وجل- أنه لا يقبل توبة من تاب بعد الغرغرة. وأن من مات على كفره وشركه لا ينفعه ندمه ولا توبته، ولا يقبل منه فدية. وأن هؤلاء قد أعد الله لهم عذابا شديدا مقيما.
[المعنى الحرفي]
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ الفاحشة هنا هي الزنا، وأطلق هذا الاسم عليه لزيادة الزنا في القبح على كثير من القبائح، واللاتي جمع التي فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ. أي: فاطلبوا شهادة أربعة من المؤمنين يشهدون عليهن، فَإِنْ شَهِدُوا أي: عليهن بالزنا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ. أي: احبسوهن في البيوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ. أي: حتى تأخذهن ملائكة الموت، أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أو يجعل الله لهن طريقا غير هذه. فالسبيل إذن هنا هو الحكم البديل الناسخ، وقد كان. قال ابن عباس: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور، فنسخها بالجلد، أو الرجم. وفي الحديث الصحيح: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أثر عليه، وكرب لذلك،