للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده كافيا؟! وقد عبر ابن كثير عن قوله تعالى. أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى بما يلي:

(يعني القرآن العظيم الذي أنزله عليه الله، وهو أمي لا يحسن الكتابة، ولم يدارس أهل الكتاب وقد جاء فيه أخبار الأولين بما كان منهم في سالف الدهور بما يوافقه عليه الكتب المتقدمة الصحيحة منها، فإن القرآن مهيمن عليها يصدق الصحيح، ويبين خطأ المكذب فيها وعليها ..... ثم بعد كلام قال: وإنما ذكر هاهنا أعظم الآيات التي أعطيها عليه الصلاة والسلام وهو القرآن وإلا فله من المعجزات ما لا يحد ولا يحصر، كما هو مودع في كتبه ومقرر في مواضعه؟

فإن يكن هذا القرآن على هذه الشاكلة، فذلك دليل على أنه من عند الله كما قال تعالى في بداية السورة تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى * الرَّحْمنُ فالسورة تختم بما بدأت به بأن تأتي بالدليل على أن هذا القرآن من عند الله، إذ أن قصة موسى وقصة آدم موجودتان في الصحف الأولى فإن تعرضهما هذه السورة بمثل هذه الدقة وبمثل هذا الكمال دون تناقض وكما هما حقا وصدقا فذلك دليل على أن هذا القرآن من عند الله، وهذا يفيد أنه لا حجة لكافر لا يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه ومن ثم ندرك الصلة بين هذه الآية وسياق السورة ومحور السورة من سورة البقرة وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ أي: من قبل الرسول أو القرآن لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أي: هلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا قبل أن تهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بنزول العذاب وَنَخْزى يوم القيامة والمعنى: أن هؤلاء الكافرين المكذبين لو أن الله أهلكهم قبل أن يرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وينزل عليهم هذا الكتاب العظيم لاحتجوا على الله بأنه لم يرسل لهم رسولا فها هو ذا الرسول قد أرسل، وها هي الآيات قد أنزلت ولم يؤمنوا ولم يتبعوا، ومن ثم فإنهم يستحقون كل ما أنذروا به، ومن ثم ختم الله السورة بأن أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول:

قُلْ أي يا محمد لمن كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده كُلٌّ أي كل واحد منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ أي ينظر للعاقبة ولما يؤول إليه أمرنا وأمركم فَتَرَبَّصُوا أي فانتظروا فَسَتَعْلَمُونَ إذا جاءت القيامة مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ أي الطريق المستقيم وَمَنِ اهْتَدى إلى الحق وسبيل الرشاد،

<<  <  ج: ص:  >  >>