للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

فَلا أُقْسِمُ أي: فأقسم بِالشَّفَقِ الشفق: الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، قال عكرمة: الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء

وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ أي: جمع وضم

وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ قال النسفي: أي: اجتمع وتم بدرا

لَتَرْكَبُنَّ قال النسفي: أيها الناس طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال النسفي: أي حالا بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول. أقول: وقد قال بعض الملاحدة في هذه الآية: إنها تدل على تناسخ في الأرواح، وهو فهم عجيب مبتور لا يصدر عمن له أدنى بصر، أو إدراك أو تأمل في هذا القرآن، ولنا عودة على هذه الآية، وعلى ما قالوه في الفوائد.

فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ والأمر كذلك. قال ابن كثير: أي: فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر

وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ قال النسفي: أي: لا يخضعون. قال ابن كثير: وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الله وكلامه- وهو هذا القرآن- لا يسجدون إعظاما وإكراما واحتراما. أقول: وهاهنا سجدة كما سنرى في الفوائد. والمعنى العام: إذا كان الأمر كذلك من كون الإنسان سيركب طبقا بعد طبق أي: حالا بعد حال؛ حتى يصل إلى الكبير المتعال، فمال هؤلاء الكافرين لا يؤمنون، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون؟

أي إن الأمر ما دام كذلك فإن هذا يقتضي منهم إيمانا وخضوعا للقرآن، ولكنهم بدلا من أن يفعلوا ذلك يكذبون

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ قال النسفي: أي: بالبعث والقرآن، وقال ابن كثير: أي: من سجيتهم التكذيب والعناد والمخالفة للحق

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ فلا يخفى على الله أمرهم، ومعنى الآية: والله أعلم بما يكتمون في صدورهم،

قال تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ قال ابن كثير:

أي: فأخبرهم يا محمد بأن الله عزّ وجل قد أعد لهم عذابا أليما

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي: لكن الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم لَهُمْ أَجْرٌ في الآخرة. غَيْرُ مَمْنُونٍ قال النسفي: أي: غير مقطوع، أو غير منقوص، وقد ختم صاحب الظلال الكلام عن هذه السورة بقوله: (وكل هذه الجولات والمشاهد والإيحاءات واللمسات في سورة قصيرة لا تتجاوز عدة أسطر. وهو ما لا يعهد إلا في الكتاب العجيب! فإن هذه الأغراض يتعذر الوفاء بها في الحيز الكبير ولا تؤدى بهذه القوة، وبهذا التأثير .. ولكنه القرآن ميسر للذكر؛ يخاطب القلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>