١ - هذه الآيات العشر تشكل المجموعة الأولى من المقطع الأول وهي منتهية بقوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ وتأتي بعد ذلك مجموعة ثانية حتى نهاية الآية (٢٠) وهي منتهية بقوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ إن هاتين الآيتين المتشابهتين تدلاننا على نهاية كل من المجموعتين وتدلاننا على السياق الواحد، فبين المجموعتين صلة واتصال، فالمجموعة الثانية تتحدث عن حادثة الإفك ودروسها، وهي أصعب حادثة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت المجموعة الأولى مقدمة لها كما كانت هي تعليلا لضرورة الأحكام الموجودة في المجموعة الأولى.
٢ - لقد ذكرنا أن محور سورة النور هو قوله تعالى من سورة البقرة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ
وإذا تأملنا المجموعة التي مرت معنا في سورة النور فإننا نجد أنها حدثتنا عن نوع من الزلل وهو الزنا، وذكرت عقوبته والمخرج منه وهي عقوبة نعلم منها عزة الله وحكمته، ثم ذكرت نوعا آخر من الزلل، وهو قذف المحصنات، وبينت عقوبته، وهي عقوبة نعلم بها عزة الله وحكمته، ثم ذكرت موضوع معالجة زلل الزوجة إذا لم يشهده إلا الزوج والمخرج منه وهو مخرج نرى فيه حكمة الله وعزته، ثم ختمت المجموعة بقوله تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ لتذكرنا بأن هذه الأحكام أثر عن كون الله توابا على من زل إذا تاب، وأن هذه الأحكام أثر عن حكمة الله تعالى، قارن هذا بقوله تعالى فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
٣ - بدأت المجموعة بقوله تعالى سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها ثم جاء فيها أكثر من خطاب للأمة: فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً هذا الخطاب موجه للأمة التي أمرت في الدخول في السلم كافة، فمن هذا الخطاب، ومن مقدمة السورة، ومن صلة هذه السورة بمحورها، ندرك أن إقامة الحدود والأحكام فريضة الله على هذه الأمة، وأنها إذا لم تفعل ذلك لا تكون قد حققت الأمر، وإذا كان هذا لا يتم إلا بسلطان مسلم أو بخليفة مسلم، أي لا يتم إلا بحكومة