الله هو الذي أنزل هذا القرآن العظيم، فتعالى الله الملك الحق.
أنزل الله هذا القرآن للإسعاد لا للإشقاء، فتعالى الله الملك الحق.
فيا أيها الذي أنزل عليه هذا القرآن استمع، وأنصت، واطلب من الله مزيد العلم، بدأت مقدمة السورة بالخطاب المباشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقر المقطع الثالث على الخطاب المباشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله بهذا كله اتضحت صلة هذه الآية بالسياق القرآني العام، أي بمحورها من سورة البقرة وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ الذين يؤمنون بما أنزل الله الملك الحق، الذي أمرك- أيها الرسول- أن تنصت إذا أنزل عليك القرآن، والذي أمرك أن تطلب منه مزيد العلم، فأنت منزل عليه، وأنت متلق عن الله، وكل ذلك قام عليه الدليل، فعلى الإنسان أن يؤمن بما أنزل عليك.
وهكذا انتهى المقطع الثالث من هذه السورة، ولقد عرضنا المقاطع الثلاثة عرضا مستمرا مؤخرين الفوائد التي اعتدنا أن نقدمها وراء المقطع الواحد أو المجموعة الواحدة لأن فهم السياق اقتضى منا ذلك.
وإذ لم يبق عندنا إلا مقطع واحد في السورة، ثم خاتمة السورة، فإننا نذكر هنا الفوائد المتعلقة بالمقاطع الثلاثة:
[الفوائد]
١ - إن ما ورد في السورة من قصة موسى نجده في سفر الخروج، وكنا نقلنا نقولا كثيرة من ذلك عند الكلام عن سورة الأعراف، وبينا قيمة هذه النقول، وذكرنا كيف أن كل كتب العهد القديم فيها علامة تحريفها، ومن ثم فلا تصلح أساسا للفهم، ولا للاعتماد، ولا للتفصيل، ولا للنظر لما فيها من الخلط والخبط والخطأ والتشويه، فمن ذلك مثلا أنها- في موضوعنا- تذكر أن هارون عليه السلام هو الذي صنع لهم العجل ليعبدوه فالحمد لله الذي أكرمنا بهذا القرآن، وأعطانا التصور الصحيح للحق الذي نزه به الأنبياء عليهم السلام، وإذا كانت التوراة الحالية على مثل هذه الشاكلة من الخلط والخبط، فإنك تجد فيها الحوادث مختلطة، فيها تقديم وفيها تأخير، وفيها تحريف، وذلك أثر عن ضياعها وجمعها بعد زمن طويل، كما أثبتنا ذلك في أكثر من مكان في هذا التفسير، ومن ثم فإن فيما قصه الله علينا كفاية.