٣ - ثم تأتي المجموعة الثانية في الفقرة الأولى من المقطع وفيها حث على الإنفاق، قال ابن كثير:(ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق، ثم حثهم على الإيمان وبين أنه قد أزال موانعه، حثهم على الإنفاق).
[تفسير المجموعة الثانية]
وَما لَكُمْ في أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي: في طريقه، أي: في طريق الجهاد لإعلاء دينه وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال النسفي: (أي: يرث كل شئ فيهما، لا يبقى منه باق لأحد من مال وغيره، يعني: وأي غرض لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله صلى الله عليه وسلم، والله مهلككم فوارث أموالكم، وهو من أبلغ البعث على الإنفاق في سبيل الله، ثم بين التفاوت بين المنفقين منهم فقال:
لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أي: فتح مكة قبل عز الإسلام وقوة أهله، ودخول الناس في دين الله أفواجا، ومن أنفق من بعد الفتح بدلالة ما بعده عليه أُولئِكَ أي: الذين أنفقوا من قبل الفتح أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ أي: من بعد الفتح وَقاتَلُوا في سبيل الله وَكُلًّا أي: كل واحد من الفريقين وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أي: المثوبة الحسنى وهي الجنة مع تفاوت الدرجات وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي: فيجازيكم على قدر أعمالكم. قال ابن كثير: (أي: فلخبرته عزّ وجل فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن فعل ذلك بعد ذلك، وما ذاك إلا لعلمه سبحانه وتعالى بقصد الأول وإخلاصه التام، وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق)،
ثم هيج الله عزّ وجل على الإنفاق بقوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً أي: بطيب نفسه ومراده الإنفاق في سبيله قال النسفي: (واستعير لفظ القرض ليدل على التزام الجزاء وقال عمر ابن الخطاب في الآية: هو الإنفاق في سبيل الله). أقول: وهو الذي يشهد له السياق قال ابن كثير: وقيل هو النفقة على العيال والصحيح أنه أعم من ذلك، فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية فَيُضاعِفَهُ لَهُ أي: يعطيه أجره على إنفاقه أضعافا مضاعفة من فضله وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ قال النسفي: أي: وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم في نفسه. وقال ابن كثير:
أي: جزاء جميل، ورزق باهر وهو الجنة يوم القيامة، ثم بين الله عزّ وجل متى يكون ذلك، وأنه يكون في اليوم الذي لا تقبل فيه فدية من كافر أو منافق، عندئذ يوفى