سورة سبأ، والسورتان تفصلان في محوري سورتي المائدة والنساء.
تبدأ سورة سبأ بمقدمة، ثمّ تجد فيها لازمة تتكرّر ثلاث مرّات هي قوله تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... * مما يشير إلى أن السير الرئيسي للسورة هو إقامة الحجة على الكافرين فيما يقولون، كما أنّ محور السورة كان فيه إقامة حجة على الكافرين:
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ومن ثمّ فإننا نستطيع أن نقول من البداية: إن السورة تتألف من مقدمة وثلاثة مقاطع:
المقدمة وتمتدّ إلى نهاية الآية الثانية.
المقطع الأول ويبدأ بقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي ....
المقطع الثاني ويبدأ بقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ويمتد إلى نهاية الآية (٣٠).
المقطع الثالث ويبدأ بقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ... ويمتد حتى نهاية السورة.
...
[نقول]
[قال الألوسي رحمه الله في تقديمه لسورة سبأ]
(مكية كما روي عن ابن عباس، وقتادة، وفي التحرير هي مكية بإجماعهم، وقال ابن عطية: مكية إلا قوله تعالى: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وروى الترمذي عن فروة بن مسيكة المرادي قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي؟ الحديث، وفيه وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل: يا رسول الله وما سبأ؟ الحديث. قال ابن الحصار: هذا يدل على أن القصة مدنية، لأن مهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع، ويحتمل أن يكون قوله وأنزل حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرته، فلا يأبى كونها مكية. وآياتها خمس وخمسون في الشامي، وأربع وخمسون في الباقين، وما قيل خمس وأربعون سهو من قلم الناسخ. ووجه اتصالها بما قبلها أن الصفات التي أجريت على الله تعالى في مفتتحها مما يناسب الحكم التي في مختتم ما قيل من قوله تعالى: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ الخ.