ثم فسر الله عزّ وجل ذلك اليوم بقوله: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ قال النسفي: أي: لأمره وجزائه. وقال ابن كثير: أي:
يقومون حفاة عراة غرلا في موقف صعب حرج. ضيق ضنك على المجرم، ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه.
[كلمة في السياق]
١ - حدثنا الله عزّ وجل في هذه الفقرة عن خلق من أخلاق الكافرين، وهو التطفيف في الكيل والميزان، بدليل قوله تعالى: أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مما يشير إلى أنهم لو كانوا يظنون ذلك ما فعلوه. فالتطفيف خلق من أخلاق الكافرين بشكل عام، ويدخل في التطفيف معاني أخرى ينأى عنها المسلم، وإن كانت ليست داخلة صراحة في النص، ومن ثم قال النسفي في هذا المقام. (عن عبد الملك بن مروان أن أعرابيا قال له: لقد سمعت ما قال الله في المطففين، أراد بذلك أن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن ونصب).
ولئن كان التطفيف في الأصل خلقا من أخلاق الكافرين والمنافقين، فقد يواقعه المسلم، وعليه أن يتوب إلى الله، وأن يرد الحقوق إلى أصحابها إن عرفهم، وإلا فليتصدق وليدع وليستغفر.
٢ - بعد أن حدثنا الله عزّ وجل في الفقرة الأولى عن خلق من أخلاق الكافرين، يحدثنا عن الكافرين بشكل عام في الفقرة الثانية، فكانت الفقرة الأولى مقدمة للكلام عن الفقرة الثانية.