المقطع أن طريق الفلاح هو الجهاد، مع التقوى، والعمل الصالح.
إذا اتضحت هذه الأمور يكون قد وضح لدينا صلة هذا المقطع بما قبله فلنتحدث عن صلة المقطع بمحور السورة، وارتباطاته، وامتداداته:
جاءت مقدمة سورة البقرة تتحدث عن المتقين، والكافرين، والمنافقين، ثم جاء بعد ذلك مقطع الطريقين، ليبين طريق الفلاح، وطريق الخسران، وبعد أن جاء في المقطع الأول من سورة المائدة، وفي المقطع الثاني ما له صلة بالعقود، والفسوق، والإفساد في الأرض، والخسران، وغير ذلك مما له صلة في المحور، جاء المقطع الثالث يدعونا إلى سلوك طريق الفلاح، ويحدثنا عن عذاب الكافرين، وذلك يشبه ما ورد في مقدمة سورة البقرة، وبذلك يرتبط المحور بما سبقه من سورة البقرة، ولكن من خلال سياق جديد. فهناك تقدّمت معان حتى أوصلتنا إلى موقع. وهاهنا يكون العرض من الموقع حتى نستقر على البداية، وكأنه بذلك تنتهي جولة أولى في السورة لتبدأ جولة جديدة، أو ينتهي قسم ليبدأ قسم جديد، ولذلك فإنّ المقطع الرابع في السورة يبدأ بنداء موجّه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. يا أَيُّهَا الرَّسُولُ فكأننا أمام قسم جديد، أو جولة جديدة، ولذلك فقد أصبح بإمكاننا أن نقول: إن المقاطع الثلاثة الأولى في السورة تشكل قسمها الأول.
والسّورة مع أنها أقسام واضحة المعالم، فقد آثرنا أن نعرضها على أنها مقاطع، مع إشارتنا إلى نهاية القسم، وبداية القسم الجديد، وقبل أن ننتقل إلى المقطع الرابع الذي هو بداية القسم الثاني فلنعقد فصولا ولننقل نقولا.
[فصول ونقول]
[فصل في التوسل]
إجماع المفسرين منعقد على أنّ المراد بالوسيلة في الآية وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ هو العمل الصالح قال الألوسي: واستدل بعض النّاس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة بالصالحين وجعلهم وسيلة بين الله تعالى وبين العباد، والقسم على الله تعالى بهم بأن يقال: اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا، ومنهم من يقول للغائب، أو الميت من عباد الله الصالحين: يا فلان ادع الله تعالى ليرزقني كذا وكذا، ويزعمون أن ذلك من باب ابتغاء الوسيلة، ويروون عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا أعيتكم الأمور فعليكم