للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدا صلى الله عليه وسلم، وكل الأدلة تثبت أن هذا القرآن وحي، وأن محمدا صادق فكيف يكفرون بما ثبت صدقه وبمن يعرفون صدقه؟ ألا يكفيهم ما يعرفونه عن شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ليعرفوا أن من كان هذا شأنه ما كان ليكون كما يتهمونه به.

٢ - من الملاحظ أن المجموعة الرابعة التي ستأتي معنا والمجموعتين السابقتين عليها كل منها مبدوءة بكلمة «وإذا» وأن في كل مجموعة إقامة حجة على من ينكر الوحي ويكفر بالرسول

[المجموعة الرابعة]

وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ أي خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا أي إذا لهم استهزاء وتكذيب ودفع وإنكار لآيات الله، والمكر: إخفاء الكيد وطيه. يخبر تعالى أنه إذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة، والخصب بعد الجدب، والمطر بعد القحط، لم يلبثوا أن يطعنوا في آيات الله ويعادون دينه قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً أي مجازاة أي أشد استدراجا وإمهالا حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب وإنما هو في مهلة ثم يؤخذ على غرة، وأفاد التعبير أنهم يسارعون إلى المكر قبل أن يغسلوا رءوسهم من مس الضراء إِنَّ رُسُلَنا أي الحفظة يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ أي الكرام الكاتبين يكتبون عليهم جميع ما يفعلونه، ويحصونه عليهم، ويعرضونه على عالم الغيب والشهادة- وهو أعلم- فيجازيهم على الجليل والحقير، والنقير والقطمير. أعلمت الجملة الأخيرة أن ما يظنونه خافيا لا يخفى على الله، وهو منتقم منهم،

ثم أخبر تعالى أنه هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي يجعلهم قادرين على قطع المسافات بالأرجل، والدواب والفلك الجارية في البحار، وغير ذلك مما سخره الله للإنسان، أو يخلق فيكم السير حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ أي في السفن وَجَرَيْنَ أي وسارت السفن بِهِمْ أي بمن فيها بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ أي لينة الهبوب لا عاصفة ولا ضعيفة وَفَرِحُوا بِها أي بتلك الريح للينها واستقامتها لما يترتب على ذلك من سرعة سيرهم رافقين، فبينما هم كذلك إذ جاءَتْها أي تلك السفن رِيحٌ عاصِفٌ أي شديدة الهبوب تكسر كل شئ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ من البحر أو من جميع أمكنة الموج وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ أي أهلكوا، جعل إحاطة العدو بالحي مثلا في الإهلاك دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي من غير إشراك به، لأنهم لا يدعون حينئذ معه غيره، ففي مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>