بذنوبهم مع هذه القوّة العظيمة، والبأس الشديد وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ أي: وما دفع عنهم عذاب الله أحد، ولا ردّه عنهم رادّ، ولا وقاهم منه واق.
ثم ذكر علة أخذه إياهم، وأنّها ذنوبهم التي ارتكبوها واجترموها فقال تعالى: ذلِكَ أي:
الأخذ بِأَنَّهُمْ أي: بسبب أنهم كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي: بالدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات فَكَفَرُوا أي: مع هذا البيان والبرهان كفروا وجحدوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أي: أهلكهم ودمّرهم إِنَّهُ قَوِيٌّ أي: ذو قوة عظيمة وبطش شديد شَدِيدُ الْعِقابِ أي: عقابه أليم شديد موجع إذا عاقب.
وفي الآية (١٨) ورد قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ.
وبعد ذلك تأتي آيتان لا تشعراننا بقبولهم الإنذار. ثم يأتي قوله تعالى: أَوَلَمْ يَسِيرُوا ... مما يشير إلى أنهم رفضوا الإنذار والله عزّ وجل يحذرهم أن يفعل بهم كما فعل بالمكذبين من قبل.
ونلاحظ أنّ هناك صلة بين الآيات التي تتحدّث عنهم: ما يُجادِلُ ... كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ... فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ فالسورة إذن تصبّ في الكلام عن الكافرين في سيرها الرئيسي، وتذكّرهم