(هذه السورة القصيرة تعدل ثلث القرآن كما جاء في الروايات الصحيحة. روى البخاري عن أبي سعد: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يرددها.
فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له- وكأن الرجل يتقالها- فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن» ..
وليس في هذا من غرابة فإن الأحدية التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلنها: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .. هذه الأحدية عقيدة للضمير، وتفسير للوجود، ومنهج للحياة .. وقد تضمنت السورة- من ثم- أعرض الخطوط الرئيسية في حقيقة الإسلام الكبيرة ..
هذه السورة إثبات وتقرير لعقيدة التوحيد الإسلامية، كما أن سورة الكافرون نفي لأي تشابه أو التقاء بين عقيدة التوحيد وعقيدة الشرك .. وكل منهما تعالج حقيقة التوحيد من وجه. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح يومه- في صلاة سنة الفجر- بالقراءة بهاتين السورتين .. وكان لهذا الافتتاح معناه ومغزاه .. ).
[كلمة في سورة الإخلاص ومحورها]
بعد الآيتين اللتين كانتا محور سورة المسد من سورة البقرة يأتي قوله تعالى في سورة البقرة كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
لاحظ مضمون الآيتين، ومضمون سورة الإخلاص:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فكما ترى فسورة الإخلاص تعرفنا على الله عزّ وجل الذي أنكرت وعجبت آية سورة البقرة الأولى من الكفر به، والذي دللت على وجوده الآيتان كلتاهما، فسورة الإخلاص إذن تعرفنا على الله عزّ وجل، كما عرفتنا عليه آيتا المحور، مع ملاحظة أن سورة الإخلاص