للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانية، مع ملاحظة أن حكم الله في الأسير إذا وقع في الأسر مرة ثانية بعد إطلاق سراحه أن يقتل، ولو أننا قلنا إن هذه الفقرة فيها توجيه لقيادات المسلمين، ماذا عليها أن تفعل، وكيف ينبغي أن تكون، وكيف ينبغي أن تكون تطلعاتها وتصرفاتها لا نكون مبعدين.

[المعنى الحرفي للفقرة الأولى]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا أي إذا حاربتم جماعة فاثبتوا ولا تفروا واللقاء اسم غالب للقتال وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً في مواطن الحرب مستظهرين بذكره مستنصرين به، داعين له على عدوكم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي لعلكم تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة، وفيه إشعار بأن على العبد ألا يفتر عن ذكر ربه، أشغل ما يكون قلبا، وأكثر ما يكون هما، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك، وإن كانت متوزعة عن غيره

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في كل شئ ومن ذلك أوامر الجهاد وأوامر المعركة وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ أي دولتكم وسلطانكم وَاصْبِرُوا أي في القتال مع العدو وغيره إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ أي يعينهم ويحفظهم

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ أي كمن جاء إلى بدر من المشركين في بطرهم وريائهم، نهى المسلمين أن يكون خروجهم للقتال كخروج هؤلاء بطرين مراءين بأعمالهم، وهذا يقتضي أن يكونوا في خروجهم من أهل التقوى والكآبة والحزن من خشية الله، مخلصين أعمالهم لله. والبطر: أن تشغل الإنسان كثرة النعم عن شكرها وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن دينه والمعنى: ولا تكونوا بخروجكم كهؤلاء البطرين المرائين الصادين عن سبيل الله وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ أي عالم بأعمالهم وهذا تهديد لهم ووعيد، وهكذا بدأ المقطع بتوجيه المؤمنين إلى الآداب الربانية في القتال، ليصل إلى الكلام عن أهل بدر من المشركين وخروجهم ونفسيتهم كنموذج للعقلية الكافرة والنفسية الفاجرة، التي طبيعتها البطر والفخر والكبر والصد عن سبيل الله. هذه النفسية نهانا الله عزّ وجل أن نكون مثلها، وبعد أن صور لنا هذه النفسية يقص علينا جل جلاله ما نعرف به هذه النفسية، وذلك من خلال عرضه صفحة من صفحات معركة بدر التي هي النموذج الخالد للصراع بين الكفر والإيمان وأهلهما:

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ أي واذكروا إذ زين لهم الشيطان أعمالهم التي عملوها في معاداة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخروج لحربه وما هم عليه من فسوق ومجون

<<  <  ج: ص:  >  >>