للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البليغ، فيقوى الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه).

...

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ أي الطاعة. أي الفرائض. أي التكليف عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الأمانة الفرائض، عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم، وإن ضيّعوها عذّبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا منه من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله، أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى:

وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ ومعنى الآية أن ما كلفه الإنسان بلغ من عظمه أنه عرض على أعظم ما خلق الله من الأجرام وأقواه فأبى حمله، وأشفق منه، وحمله الإنسان على ضعفه إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا حيث حمل الأمانة، ثم لم يف بها، وضمنها ثم خاس بضمانه فيها، فهو ظلوم لنفسه؛ إذ يخالف، غرّ بأمر الله؛ إذ يعصي جهلا

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الذين ظلموا وجهلوا فخانوا الأمانة وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ لوفائهم وأدائهم وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً للتائبين رَحِيماً بعباده المؤمنين. دلّت الآية على أن الحكمة من التكليف تعذيب العاصي وإثابة الطائع.

[كلمة في السياق]

في كتابنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) تحدثنا عن التقوى، وقلنا إن الإسلام نظام شامل كامل يسع شئون الحياة كلها، وله في كل قضية حكم، ومجموع هذه الأحكام هي الإسلام، وما يطالب به كل إنسان من هذا الإسلام الواسع هو التقوى.

فالتقوى: هي التكليف الذي كلف الله به كل إنسان على حدة، ومن ثمّ فالتقوى هي التكليف، والتكليف الذي كلّف به كل إنسان على حدة هو أمانته التي حمّلها.

قال ابن كثير بعد أن ذكر الأقوال الكثيرة في تعريف الأمانة: (وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها بل هي متّفقة، وراجعة إلى أنها التكليف، وقبول الأوامر، والنواهي بشرطها، وهو أنه إن قام بذلك أثيب وإن تركها عوقب. فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه، إلا من وفق الله وبالله المستعان). وهذه الأمانة مظهرها طاعة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم في الأمر والنهي، فإذا اتضح هذا عرفنا محل الآيات الأخيرة في السياق

<<  <  ج: ص:  >  >>