يبدأ هذا القسم بقوله تعالى قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وينتهي بقوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ. نلاحظ أن نداء قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ* قد بدئ به القسم، وختم به القسم. وهذا واحد مما دلنا على بداية القسم ونهايته. كما أن المعاني السابقة على القسم، والمعاني الآتية بعده تحدد بدايته ونهايته. فقد سبق بالقسم الذي يتحدث عن عيسى عليه السلام. وجاء بعده قسم بدايته يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... وهو أول نداء بصيغة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا نراه في
سورة آل عمران.
قلنا إن محور سورة آل عمران هو مقدمة سورة البقرة، وامتدادات معانيها في السورة نفسها، فلنر هذا جليا في هذا القسم:
جاء في مقدمة سورة البقرة: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ومن امتداد هذا المعنى في سورة البقرة الدعوة التي وجهت لبني إسرائيل، والحوار الذي فتح معهم، والذي بدايته مدخل مقطع بني إسرائيل الذي فيه وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ والذي استمر في مقطع بني إسرائيل، ومقطع إبراهيم، ومقطع القبلة، وانتهى بآية من سورة البقرة.
وفي هذا الحوار الطويل مع بني إسرائيل هناك ورد قوله تعالى:
وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وهاهنا في هذا القسم من سورة آل عمران نجد قوله تعالى: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وفي ذلك الحوار مع بني إسرائيل في سورة البقرة ورد: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ. وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وهاهنا نجد يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ. يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وفي ذلك الحوار الكبير ورد قوله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ....