أو تؤخر. وحيث لا تطغى هذه الدقة المطلقة في الصياغة القانونية على جمال التعبير وطلاوته. وحيث يربط التشريع بالوجدان الديني ربطا لطيف المدخل عميق الإيحاء قوي التأثير، دون الإخلال بترابط النص من ناحية الدلالة القانونية. وحيث يلحظ كل المؤثرات المحتملة في موقف طرفي التعاقد وموقف الشهود والكتاب، فينفي هذه المؤثرات كلها ويحتاط لكل احتمال من احتمالاتها. وحيث لا ينتقل من نقطة إلى نقطة إلا وقد استوفى النقطة التشريعية بحيث لا يعود إليها إلا حيث يقع ارتباط بينهما وبين نقطة جديدة يقتضي الإشارة إلى الرابطة بينهما ...
إن الإعجاز في صياغة آيات التشريع هنا لهو الإعجاز في صياغة الإيحاء والتوجيه.
بل هو أوضح وأقوى. لأن الغرض دقيق يحرفه لفظ واحد، ولا ينوب فيه لفظ عن لفظ. ولولا الإعجاز ما حقق الدقة التشريعية المطلقة والجمال الفني المطلق على هذا النحو الفريد.
ذلك كله فوق سبق التشريع الإسلامي بهذه المبادئ للتشريع المدني والتجاري بحوالي عشرة قرون، كما يعترف الفقهاء المحدثون؟ .. اه
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا .. وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ. أي: وإن تظهروا ما في أنفسكم، أو تسروه، يحاسبكم به الله فيكافئكم ويجازيكم. قال النسفي: (ولا تدخل الوساوس وحديث النفس فيما يخفيه الإنسان. لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه. ولكن ما اعتقده، وعزم عليه.
والحاصل أن عزم الكفر كفر، وخطرة الذنوب من غير عزم معفوة. وعزم الذنوب إذا ندم عليه، ورجع عنه، واستغفر منه مغفور. فأما إذا هم بسيئة، وهو ثابت على ذلك، إلا أنه منع عنه بمانع ليس باختياره، فإنه لا يعاقب على ذلك عقوبة فعله. فبالعزم على الزنا- مثلا- لا يعاقب عقوبة الزنا فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: من المغفرة، والتعذيب، وغير ذلك.
[فوائد]
١ - في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد، وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار. فقال ائتني بشهداء، أشهدهم. قال: كفى بالله شهيدا. قال: ائتني بكفيل. قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت، فدفعها إلى أجل مسمى. فخرج الرجل في البحر، فقضى