بدونها أعمى لا يستبصر، ولا يعرف حقا من باطل وَهُدىً أي وإرشادا للناس لأنهم كانوا يخبطون في ضلال وَرَحْمَةً أي لمن اتبعها لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي لعلهم يتعظون. وبهذا انتهى المشهد الخامس والأخير من قصة موسى في هذه السورة.
...
[فائدة]
بمناسبة قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى يذكر ابن كثير الحديث الذي رواه البزار عن أبي سعيد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء ولا من الأرض إلا من قبل موسى» ثم قرأ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وعلى فرض صحة الحديث فالمراد به عذاب الاستئصال لقوم بأسرهم، لا لجزء من قوم، كما حدث لقرية أيلة أو لأمثالها من القرى كالخسف بأغادير في عصرنا.
[كلمة في السياق]
رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ورأينا أن بداية السورة كانت قوله تعالى: طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وإذن فقد قص الله علينا من آياته إذ قص علينا هذه المشاهد الخمسة من قصة موسى بما يخدم قضية الرسالة، ومن ثم فإننا نرى المجموعة اللاحقة من القسم الثاني تبني على ما قصه الله علينا فيما سبق من أجل إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ثم يسير السياق على نفس السنن في المجموعة الثانية.